بالأسماء… شبكة تجويع غزة تحت غطاء المخابرات الإسرائيلية

في ظل المجاعة المتصاعدة والانهيار الكامل لمقومات الحياة في قطاع غزة، بدأ يتكشف جانب آخر من المأساة؛ جانب يتجاوز الحصار والقصف، ويتعلق بشبكة محلية وإقليمية تتاجر بمعاناة الغزيين، وتُنسق بشكل مباشر مع المخابرات الإسرائيلية لإدخال بضائع عبر الشاحنات إلى القطاع وبيعها بأسعار خيالية.
في هذا السياق، حصلت مصادر صحفية مستقلة على معلومات أولية تُوثّق أسماء عدد من المتورطين في شبكة “عصابة التجويع”، التي تُسهم بشكل فعلي في تفاقم معاناة المواطنين عبر استغلال الحصار الخانق وتحويله إلى مصدر للربح غير المشروع.
شبكة ممتدة بين غزة والضفة والقاهرة
بحسب المعلومات التي تم الكشف عنها، فإن الشبكة تعمل بتنسيق مباشر مع جهاز المخابرات الإسرائيلي، حيث يتم إدخال شاحنات إسرائيلية محمّلة بالمواد الغذائية والسلع الأساسية عبر المعابر، ليُعاد بيعها داخل القطاع بأسعار تفوق القيمة الأصلية بعشرات وربما مئات الأضعاف.
وتشير المصادر إلى أن بعض هذه الشاحنات تدخل تحت غطاء “مساعدات إنسانية”، لكن يتم تفريغها في مستودعات خاصة يديرها أفراد من الشبكة داخل غزة. ومن هناك، تُطرح في الأسواق بأسعار باهظة لا يقدر المواطن المحاصر والجائع على تحملها، مما يكرّس مجاعة مصطنعة ومخططة تخدم أهداف الاحتلال.
قائمة أولية بأسماء المتورطين
وفق التحقيق الأولي، تضم الدفعة الأولى من المتورطين في هذه الشبكة الأسماء التالية:
بهاء بعلوشة – مسؤول في جهاز المخابرات الفلسطينية في رام الله.
محمد محسن الخزندار – من غزة، ويُقيم حاليًا في القاهرة بعد فراره من القطاع.
محمد البرقي – من غزة، هرب إلى رام الله ويُعتقد أنه على تواصل دائم مع أطراف إسرائيلية.
أدهم شحيبر – يقيم في غزة، ويُعتبر من الشخصيات النشطة في إدارة مخازن البضائع المهربة.
ناهض ضبان – من غزة، متواجد حاليًا في القاهرة، ويُشتبه بتورطه في تنسيق عمليات الاستيراد.
محمود ناهض ضبان – متواجد في غزة، ويُعتقد أنه الذراع التنفيذي لشقيقه ناهض في الداخل.
فادي ديب – أحد الوسطاء المحليين في غزة، يُشرف على توزيع البضائع للمحال التجارية.
عزات عقل – من غزة، لكنه غادر إلى تركيا، حيث يدير شبكة تحويلات مالية لتبييض أرباح عمليات التجارة غير المشروعة.
تُشير المعلومات إلى أن هذه الأسماء جزء من شبكة أوسع، تعمل منذ شهور في إدارة ملف إدخال البضائع تحت إشراف المخابرات الإسرائيلية، بهدف إضعاف الجبهة الداخلية، وتحويل المسار الاقتصادي إلى “تجارة حرب” تُغذي الانقسام والفوضى.
الصفقات تُدار عبر تنسيق أمني مركزي
أكدت مصادر مطّلعة أن عملية إدخال الشاحنات تتم بتنسيق مباشر بين الشبكة المذكورة وبين ضباط في جهاز “الشاباك” الإسرائيلي، حيث يُحدَّد نوع البضائع والكمية، مقابل عمولات ضخمة تُحوَّل عبر قنوات مالية مشبوهة.
وتُدار الصفقات من عدة عواصم إقليمية، أبرزها القاهرة، رام الله، وتركيا، حيث يتم تسهيل الاتصالات والصفقات المالية، فيما يبقى المواطن الغزي ضحية لتجويع مركّب: من جهة الحصار الإسرائيلي، ومن جهة أخرى شبكة داخلية لا تتورع عن المتاجرة برغيف الخبز.
دعوات للمحاسبة والملاحقة
في ضوء هذه المعلومات، تعالت الدعوات في الأوساط الشعبية والحقوقية داخل غزة لمحاسبة المتورطين، وفتح تحقيق جدي في كل من يقف خلف إدخال البضائع الإسرائيلية إلى القطاع بالتنسيق مع الاحتلال.
وأكّدت مصادر أمنية مستقلة أن بعض الأسماء المذكورة معروفة للأجهزة الأمنية منذ مدة، لكن غياب الإرادة السياسية والضغوط الأمنية الإسرائيلية أعاقا فتح هذا الملف.
وفي بيان شعبي وُزع في مناطق متفرقة من القطاع، طالبت مجموعات من النشطاء بـ”ملاحقة الخونة الذين تاجروا بجوع شعبهم، وتحويلهم إلى القضاء الشعبي ليكونوا عبرة لمن يحاول إعادة استنساخ منظومة السمسرة تحت الاحتلال”.
الخلفية السياسية والتمويل المشبوه
وبحسب التحليلات الأولية، فإن الشبكة تتلقى دعمًا ماليًا ولوجستيًا من جهات تعمل على إعادة هندسة السوق في غزة بما يخدم أهداف الاحتلال، عبر خلق بدائل اقتصادية يتحكم بها وسطاء موالون، بما في ذلك منظمات واجهة تدّعي العمل الخيري أو الإغاثي.
ويُشتبه أن بعض المتورطين لديهم صلات بمنصات إعلامية وصفحات إلكترونية تروج لبضائعهم وتعمل على إضعاف ثقة الناس بأي مبادرات مجتمعية بديلة، في محاولة لكسر الروح الجماعية التي ظهرت خلال الأشهر الأولى من الحرب والحصار.
وفقًا للمصادر التي كشفت الأسماء، فإن هذه القائمة ليست سوى “الدفعة الأولى”، مشيرة إلى أن دفعات لاحقة سيتم نشرها بعد التحقق الكامل من نشاط الأفراد الآخرين المتورطين في هذا الملف الخطير.