
في خطوة لا يمكن وصفها إلا بالشراكة في الجريمة، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية موافقتها على تحويل 30 مليون دولار لصالح ما يُعرف بصندوق “GHF” أو مؤسسة غزة الإنسانية، في وقتٍ تُسجّل فيه يوميًا مجازر دامية بحق المدنيين الفلسطينيين عند نقاط توزيع المساعدات في القطاع، التي تحوّلت إلى ما يُعرف شعبيًا وإعلاميًا بـ”مصائد الموت”.
مصائد الموت في غزة
ومنذ الإعلان عن إنشاء مؤسسة GHF في مايو 2025، تحت إشراف إسرائيلي أمريكي مباشر، زُعِم أنها ستوفر الغذاء والمساعدات لملايين المحاصرين في غزة. إلا أن الحقيقة على الأرض كانت مروّعة آلاف الفلسطينيين، غالبيتهم من الأطفال والنساء والنازحين، هرعوا إلى مراكز توزيع المساعدات، ليقابلهم الرصاص الحي والقصف المباشر، بدلًا من الطحين والماء.
وفق بيانات رسمية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فقد سقط خلال شهر واحد فقط 549 شهيدًا و4066 جريحًا، إضافة إلى 39 مفقودًا، أثناء محاولتهم الاقتراب من هذه المراكز. جميعهم من المدنيين، لم يكونوا مسلحين، ولم يشكلوا أي خطر.
واشنطن تموّل الدم
وفي اعتراف خطير يُثبت الطابع المنهجي للمجزرة، نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية شهادات لجنود وضباط في جيش الاحتلال، أكدوا أنهم تلقوا أوامر مباشرة بإطلاق النار على الفلسطينيين عند اقترابهم من مراكز المساعدات.
هؤلاء الجنود أوضحوا أن من يقترب يُعامل كعدو، حتى لو كان طفلًا أو امرأة أو رجلًا أعزل، وأن ساحة توزيع المساعدات “أقرب لساحة قتال” منها لموقع إنساني.
ولا تُستخدم وسائل تفريق تقليدية، بل تُطلق الأسلحة الثقيلة والقناصات والطائرات المسيّرة على جموع الجوعى، في مشهد يعكس طبيعة الجريمة الجماعية التي تجري برعاية دولية.
وإن قرار الولايات المتحدة بتقديم 30 مليون دولار لهذه المؤسسة، في ظل المعطيات الميدانية والشهادات العسكرية، لا يمكن تفسيره إلا باعتباره تمويلًا مباشرًا لمصائد الموت.
وهذا الدعم المالي لا يُغذي فقط صندوق GHF، بل يُغذي آلة القتل الإسرائيلية التي تستدرج الناس باسم المساعدة، ثم تُصيبهم في مقتل وهم يتدافعون لأجل رغيف الخبز.
ملاحقة مؤسسة غزة
وتقدمت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، عبر رئيسها محمد جميل، بشكوى رسمية إلى المحكمة الجنائية الدولية، متهمة مؤسسة GHF بالتواطؤ في ارتكاب جرائم ممنهجة ضد المدنيين في قطاع غزة.
وأكد جميل أن هذه المؤسسة تعمل بإشراف عسكري إسرائيلي مباشر، وتنفذ أجندة الاحتلال تحت ستار إنساني زائف، مطالبًا بفرض عقوبات دولية عليها بموجب قانون ماغنيتسكي، ومُدينًا تقاعس الأمم المتحدة في وقف نشاط هذه الأداة القاتلة.