محمد منذر البطة.. بوق إسرائيلي لتهديد غزة والضغط على مقاومتها

يسخر القيادي في حركة فتح محمد منذر البطة نفسه بوقا مفضوحا في إطار “شبكة أفيخاي” نسبة إلى الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي لتهديد غزة والضغط على مقاومتها.
في الساعات الأخيرة نشر البطة على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي منشورا ينذر فيه بأنه “اقترب التهجير” في إطار دعمه غير المحدود للحرب النفسية الإسرائيلية.
وبينما يروج الاحتلال لحشر سكان قطاع غزة في “مدينة إنسانية” يزعم عزمه إقامتها في رفح كخطوة نحو التهجير، فإن أعضاء شبكة أفيخاي وعلى رأسهم البطة يتولون بشكل مفضوح ترجمة هذه التهديدات باللغة العربية وإيصالها على طريقتهم لأهل القطاع.
من هو محمد منذر البطة؟
في 4 مايو 2025، أعلنت مفوضية التعبئة والتنظيم في حركة “فتح” عن تكليف محمد منذر البطة أميناً لسر حركة فتح في فرنسا، تقديراً لما سمَّته “نشاطه الإعلامي وحملاته الموجهة ضد المقاومة في قطاع غزة” وتحوله إلى أداة دعائية لضرب غزة من الداخل.
وينشط البطة منذ سنوات كإحدى أبرز وجوه ما يُطلق عليه “الذباب الإلكتروني” لحركة فتح، مستخدماً حساباته على منصات التواصل الاجتماعي لبث رسائل تحريضية تهدف إلى ضرب الجبهة الداخلية الفلسطينية وزعزعة ثقة الناس بمقاومتهم.
وينحدر البطة من قطاع غزة، ويظهر في تقديم حلقات ومقاطع فيديو عبر صفحته الشخصية على فيسبوك وقناة “عودة” التابعة لحركة فتح.
يصفه منتقدوه بأنه “أداة قذرة” تستخدمها أوساط قيادية في فتح لتنفيذ حملات ترويجية ضد المقاومة الفلسطينية، من خلال الكذب وتزوير الوقائع وتهويل الأرقام والأحداث.
يُشار إلى أن تعيينه جاء بعد سنوات من نشاط مكثف في نشر التحليلات والمواقف السياسية التي تتماهى مع خط فتح الرسمي، ويتبناها في أغلب الأحيان دون تقديم أي تحليل موضوعي أو نقد ذاتي.
كما أنه يتعمد إساءة استغلال مصطلحات شعبوية لاستثارة الفتنة بين الفصائل، واستهداف رموز المقاومة الشعبية في غزة بالاتهامات بالخيانة والفساد.
الانتماء لشبكة “أفيخاي”
بات البطة يُرتبط إعلامياً ما يُعرف بـ”خلية أفيخاي”، وهي شبكة إلكترونية تنشط في ترويج سرديات تحريضية ضد المقاومة الفلسطينية، وتدعو صراحةً إلى قصف مواقع المدنيين في القطاع.
وسبق أن كشف تقرير صحفي عن تعامل الخلية مع جهات مقربة من قيادات أمنية في رام الله، لتنسيق حملاته الدعائية إلكترونياً في أوقات الأزمات الميدانية.
أمثلة بارزة على منشوراته التحريضية
دعوة لقصف المدنيين في غزة:
في أكثر من مناسبة، بثّ البطة تسجيلاً مصوراً يحث فيه الاحتلال على استهداف “خيام وأماكن يقطنها مواطنون في غزة”، مدّعياً أنها تُستخدم كملاجئ للمقاومين، رغم أن شواهد ميدانية تؤكد استخدامها كمأوى للمدنيين الباحثين عن الأمان.
التقليل من حجم المعاناة:
في تغريدة بتاريخ 13 مايو 2025، وصف محمد منذر البطة مقاومة غزة بأنها “مفاوضات جارية مع الولايات المتحدة”، زاعماً أن “ثعلب المفاوضات لف مبادرة حسن النية وحطها في الدرج الخارجية الأمريكية: لن نقبل بمغادرة الفلسطينيين من قطاع غزة إلى أي مكان”.
يُظهر هذا الموقف محاولة تهميش أبعاد المعاناة الحقيقية للمدنيين وتحويلها إلى معركة بروتوكولية رفيعة المستوى.
بث الشكوك حول وحدة الشعب الفلسطيني
في أحد منشوراته على فيسبوك، زعم البطة وجود “جبهة داخلية متمردة” في غزة تعمل ضد قيادات فتح في رام الله، مدعياً أن هناك “خلايا سرية مدعومة من دول إقليمية” تستهدف “تمزيق الصف الفلسطيني من الداخل” . يهدف هذا القول إلى بث الذعر بين المواطنين وتشجيعهم على الإبلاغ عن “المشبوهين”، بما يفضي إلى تشقق نسيج التضامن الاجتماعي.
ويعتمد البطة خليطاً من الخطاب الوطني الزائف والمصطلحات الثورية الزائفة بهدف تضليل الجمهور.
وهو يستخدم التحليل الزمني للأحداث ليُسوّغ سردياته، مع تصاميم بصرية مدروسة لإلقاء الانطباع بالحيادية، في حين تغيب تماماً الأدلة الموثقة والروابط المعيارية لتصريحات مسؤولين أو تسجيلات مصورة بعيون مستقلة.
يروج كذلك لمقالات منشورة في مواقع موالية لفتح، ويشاركها بشكل دوري على صفحاته، ما يعزز شبكة انتشاره ويمنحه تغذية راجعة إيجابية عبر “إعجابات” ومشاهدات مرتفعة، تطال أحياناً عشرات الآلاف من المشاهدين.
ردود الفعل الفلسطينية
أثار البطة موجة انتقادات لاذعة من ناشطين وصحافيين فلسطينيين، الذين وجهوا إليه اتهامات “بالخيانة العلنية لقضيتهم” و”التواطؤ مع الاحتلال”.
وقد طالب عدد من المحامين بفتح تحقيق قضائي ضده بتهمة “التحريض على العنف ضد المدنيين” و”نشر الأكاذيب”، لكن حتى الآن لم يصدر أي قرار رسمي تجاهه من السلطة الفلسطينية أو أجهزة الأمن في غزة.
وبالإجمال يُعدُّ محمد منذر البطة نموذجاً لتركيبة “الذباب الإلكتروني” الذي تستثمره سلطات الاحتلال وبعض التيارات السياسية الفلسطينية لشن حملات دعائية موجهة، على حساب وحدة الصف ومصالح الشعب.