تحليلات واراء

كوسوفو و”إسرائيل”.. علاقات وثيقة بفضل أنشطة التجسس المشتركة

سلط اعتقال قوات الأمن التركية الأسبوع الماضي لمواطن من كوسوفو بتهمة التعاون مع المخابرات الإسرائيلية الضوء على العلاقات الوثيقة بين دولة البلقان ودولة الاحتلال وأنشطة التجسس المشتركة المشتبه بها.

تعتقد مصادر أمنية تركية أن الموساد، وكالة الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية، تستخدم دول أوروبا الشرقية، وخاصة كوسوفو، لتمويل مخبريها وعملائها على الأرض في تركيا.

وكان اعتقال ليريدون رجبي في 30 أغسطس/آب نتيجة أشهر من العمل الذي قامت به المخابرات التركية، التي كانت تراقب معاملات رجبي، بما في ذلك المدفوعات للمخبرين المحليين الذين يتجسسون على السياسيين الفلسطينيين ويسجلونهم عبر طائرات بدون طيار.

وذكرت تقارير إعلامية أن المخبرين كانوا يجمعون أيضًا معلومات عن الوضع في سوريا.

وأوضحت التقارير أن الاستخبارات التركية راقبت رجبي بعد دخوله تركيا في 25 أغسطس/آب الماضي، وتتبعت تحويلاته المالية إلى أفراد ميدانيين عبر ويسترن يونيون.

التدخل الإسرائيلي المتزايد في كوسوفو

ويلقي اعتقال رجبي الضوء أيضاً على التدخل الإسرائيلي المتزايد في كوسوفو، إحدى أصغر دول العالم سناً ودولة ذات أغلبية مسلمة تواجه الآن تدقيقاً متزايداً بسبب علاقتها بدولة الاحتلال.

ولم تبدأ دولة الاحتلال الإسرائيلي وكوسوفو العلاقات الدبلوماسية بينهما إلا في عام 2020، بتشجيع من إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

ومما يثير الجدل، أصبحت كوسوفو أول دولة ذات أغلبية مسلمة تفتتح سفارتها في القدس المحتلة، في عام 2021.

ومع ذلك، فإن العلاقات بين أجهزة إنفاذ القانون في كوسوفو ودولة الاحتلال تعود إلى أكثر من عقد من الزمان، وتشمل رحلات تدريبية إلى “إسرائيل”.

وقال المؤرخ والمحلل السياسي الألباني أولسي يازكزي إن دولة الاحتلال “سعت إلى استغلال ألبان كوسوفو كحلفاء في صراعها مع الفلسطينيين”.

وأضاف جيزكسا أن “السفير الإسرائيلي في كوسوفو تامي زيف، إلى جانب السفارة الإسرائيلية في تيرانا، أنفقا مبالغ كبيرة على دعوة شخصيات عامة في ألبانيا وكوسوفو واستقطابها لدعم (إسرائيل)”.

وكوسوفو لم تعترف بها الأمم المتحدة، وقد سعت إلى إيجاد حلفاء أينما أمكنها ذلك. وهذا وضع الدولة الواقعة في البلقان في موقف ضعيف.

وذكر جيزكسا أن (إسرائيل) “تستغل كوسوفو في أنشطة التجسس لأن الكوسوفيين مسلمون وقد يكونون أقل عرضة من الإسرائيليين أو الجنسيات الأخرى لتنفيذ عمليات لصالح الموساد في العالم الإسلامي”.

وفي يونيو/حزيران، أشاد رئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي بإسرائيل لرفعها متطلبات التأشيرة عن مواطنيه خلال اجتماع مع وزير الداخلية الإسرائيلي موشيه أربيل في بريشتينا، عاصمة كوسوفو.

ثمن باهظ للتطبيع

لكن هذا التبني من جانب حكومة كوسوفو ذات الميول اليسارية لزيادة وتيرة التطبيع مع دولة الاحتلال كان له ثمنا باهظا على البلاد وسمعتها.

ففي مقال نشر في وقت سابق من هذا العام تحت عنوان ” إسكات التضامن “، أشار اثنان من الأكاديميين إلى أن “تصريحات التضامن” السابقة التي أصدرها الحزب الحاكم مع الفلسطينيين قد أزيلت من موقعهما على شبكة الإنترنت.

وكتب هؤلاء “أن الحكومة الحالية في كوسوفو، المعروفة بخطابها المناهض للاستعمار والمنادي بالمساواة، كانت صامتة تماما فيما يتعلق بالإبادة الجماعية في غزة”.

وفي أعقاب اعتقال رجبي، كشف وزير العدل في كوسوفو ألبولينا هاكسيو في مؤتمر صحفي أن الحكومة تلقت استفسارات من تركيا بشأن القضية.

ومنذ أن دفعت حكومة دونالد ترامب الولايات المتحدة إلى دفع كوسوفو إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع (إسرائيل) كجزء من اتفاقيات إبراهيم للتطبيع، اتخذت بريشتينا خطوات لاستيعاب المصالح الإسرائيلية والأمريكية في الشرق الأوسط.

ويقول مراقبون إن دول البلقان، بما في ذلك ألبانيا وكوسوفو والبوسنة والهرسك، أظهرت أنها منفتحة على (إسرائيل) بسبب نفوذ الولايات المتحدة في هذه البلدان.

في عام 2023، حظرت شرطة كوسوفو احتجاجًا مؤيدًا للفلسطينيين قبل مباراة كرة قدم بين كوسوفو ودولة الاحتلال مستشهدة بمخاوف أمنية.

كما تحركت كوسوفو لإعلان حزب الله اللبناني “منظمة إرهابية” وإغلاق المنظمات غير الحكومية الإسلامية.

وفي الآونة الأخيرة، أعربت حكومة كوسوفو صراحة عن دعمها لإسرائيل في أعقاب هجوم طوفان الأقصى الذي شنته المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وبينما ارتفع عدد ضحايا حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على غزة إلى أكثر من 40 ألف شخص، ظلت حكومة كورتي صامتة إلى حد كبير.

وقال بيكا “إن أجهزة الاستخبارات في البلدين تحافظ على علاقات قوية مع نظيراتها في الولايات المتحدة، ومن المعقول أن تتعاون الاستخبارات الإسرائيلية بشكل وثيق مع هذه الأجهزة، مما يخلق تآزرات عملياتية تسهل أنشطة الموساد في المنطقة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى