“سكاي نيوز عربية”.. بوق إعلامي مفضوح لتشويه غزة وقادة المقاومة
تتبنى رواية الاحتلال بحذافيرها

منذ اندلاع حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، بدت قناة “سكاي نيوز عربية” وكأنها تحوّلت رسميًا إلى غرفة عمليات إعلامية إسرائيلية، تروّج لروايات الاحتلال وتمنح ناطقيه منابر مفتوحة، فيما تشن هجومًا مستمرًا وممنهجًا ضد فصائل المقاومة الفلسطينية، متهمة إياها بالمسؤولية عن الحرب وتبعاتها الكارثية.
ولا تخفي سكاي نيوز الممولة من دولة الإمارات، انحيازها الواضح والمريب لرواية الاحتلال، متجاوزة في تغطيتها جميع حدود المهنية والتوازن الصحفي، لصالح تبييض جرائم حرب موثقة، وشيطنة المظلومين بدلًا من إدانة المجرمين.
منصة دعائية للاحتلال الإسرائيلي
يلاحظ المتابع لتغطية سكاي نيوز أن القناة وفّرت منذ بداية الحرب مساحة يومية ثابتة للمتحدثين باسم جيش الاحتلال، بدءًا من أفيخاي أدرعي وصولًا إلى كبار ضباط الجيش والحكومة.
لا يُسأل هؤلاء الضيوف عن المجازر التي ترتكب بحق المدنيين، ولا عن القصف المتعمد للمستشفيات أو تجويع السكان، بل يُمنحون مساحة لشرح ما يسمونه “عمليات تطهير للإرهاب” أو “استهداف لمخازن السلاح”، دون أي تحقق أو مساءلة.
في المقابل، تغيب الأصوات الفلسطينية تمامًا، باستثناء من يُستدعى أحيانًا ضمن قوالب مشوهة، أو لأداء دور “الخصم” في مناظرات معدّة سلفًا لتظهير الرواية الإسرائيلية على أنها الأقوى حجة ومنطقًا.
كل ذلك يجري على شاشة عربية، تدّعي أنها تقدم تغطية محايدة، فيما هي تكرّس أدواتها لدعم آلة القتل الإسرائيلية إعلاميًا.
منهجية شيطنة المقاومة
لا تتوقف سكاي نيوز عند دعم الاحتلال إعلاميًا، بل تتبنى بوضوح استراتيجية شيطنة فصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس والجهاد الإسلامي.
ففي معظم تقاريرها، لا تُذكر هذه الفصائل إلا بوصفها “ميليشيات متطرفة”، و”جماعات إسلامية تسببت بمعاناة شعبها”، متجاهلةً السياق التاريخي والسياسي والإنساني للصراع، ومتناسيةً أن هذه الفصائل تنتمي لشعب تحت الاحتلال، يمارس حقه في مقاومة الغزو والعدوان كما تقرّه القوانين الدولية.
وتذهب القناة إلى حد تحميل المقاومة الفلسطينية المسؤولية الكاملة عن الحرب والمجازر والتجويع، في تجاهل فج للحقائق على الأرض، حيث تُظهر التقارير الحقوقية أن الاحتلال هو من يمنع دخول المساعدات ويقصف المخابز والمستشفيات ويستهدف الأطفال عمدًا.
تبرئة الاحتلال وتزييف الحقائق
تظهر خطورة تغطية سكاي نيوز في تواطئها مع محاولات إخلاء ساحة الاحتلال من المسؤولية عن جرائم الحرب، بل وترويجها لمقاطع مجتزأة ومنتقاة بعناية لتبرير تلك الجرائم على مدار أشهر حرب الإبادة.
وفي كل مرة تقع فيها مجزرة جديدة، تبادر سكاي نيوز إلى تبني “الرواية الإسرائيلية الأولية”، التي تتحدث عن “وجود مسلحين” أو “قصف بالخطأ”، أو تزعم أن المقاومة تستخدم المدنيين كـ”دروع بشرية”، دون أن تقدم القناة تحقيقًا واحدًا ميدانيًا أو شهادة مستقلة من داخل غزة.
بل تجاوزت القناة هذا الدور إلى ممارسة ما يُشبه غسيل السمعة الإعلامي، حين أفردت تقارير كاملة تتحدث عن “التزام الجيش الإسرائيلي بالقانون الدولي” و”تعقيدات الحرب في بيئة حضرية”، في ما بدا محاولة فاضحة لتلطيف صورة جيش متهم بارتكاب جرائم إبادة.
التمويل السياسي.. تطبيع بغطاء صحفي
لا يمكن فهم سلوك سكاي نيوز دون الإشارة إلى طبيعة تمويلها، إذ تُعد القناة جزءًا من شبكة إعلامية واسعة تُمَوّل إماراتيًا، وتخضع لخطّ سياسي علني يروّج للتطبيع مع الاحتلال، ويعادي فصائل المقاومة الفلسطينية.
هذا التمويل جعل من القناة أداة سياسية بلباس إعلامي، تستخدم الخطاب الصحفي لأداء وظيفة دعائية لصالح محور إقليمي يرى في المقاومة تهديدًا لمشاريعه، ويتماهى مع المشروع الإسرائيلي علنًا أو ضمنيًا.
ويؤكد مختصون إعلاميون أن النهج التحريري للقناة يعكس ليس فقط انحيازًا صحفيًا، بل توجهًا سياسيًا قائمًا على إعادة تعريف “العدو” في الوعي الجمعي العربي، من كيان محتل إلى “خصم مشروع له حق الدفاع”، ومن مقاومين إلى “متطرفين يستحقون العقاب”.
آثار كارثية على الرأي العام العربي
تمارس سكاي نيوز دورًا خطيرًا في تشكيل وعي مضلل لدى الجمهور العربي، خاصة أنها تتوجه إلى شريحة ناطقة بالعربية، وتظهر بمظهر القناة المتزنة والموثوقة.
هذا التأثير يجعلها في موقع أخطر من الإعلام الغربي نفسه، إذ تأتي رسالتها من داخل “البيت العربي”، وتُقدَّم على أنها تحليل موضوعي، فيما هي ليست سوى ترويج مموَّه لرواية الاحتلال.
وليس من المبالغة القول إن تغطية سكاي نيوز ساهمت في ترسيخ روايات مغلوطة حول غزة، وتزييف وعي بعض المشاهدين، وتبرير التقاعس الرسمي لبعض الأنظمة عن نصرة الشعب الفلسطيني أو الضغط على الاحتلال.
شاشة عربية.. تخدم القتل
بينما يموت الأطفال جوعًا وقصفًا في غزة، اختارت سكاي نيوز الاصطفاف مع القاتل، وارتداء عباءة “المهنية” لتغطية الجريمة، لا فضحها.
هي قناة لم تعد تُخفي هويتها السياسية، ولا دورها في المعركة الدائرة، وقد أصبحت اليوم – بحسب مراقبين – امتدادًا إعلاميًا لديوان الاحتلال، تتحدث لغته، وتتبنى مصطلحاته، وتؤدي وظيفته دون أن يُطلب منها ذلك صراحة.
ولعل أخطر ما في هذا الدور أن القناة ما تزال تزعم الموضوعية، وتطل على جمهور عربي يثق بلغته، فيما هي تمارس خيانة مهنية وأخلاقية مفضوحة، لا تقل جرمًا عن الصاروخ الذي يقتل، أو الحصار الذي يُميت.