تحليلات واراء

أيمن عبلي وأنس حبيب: رموز النضال بمواجهة تواطؤ مصر والأردن في حصار غزة

في ظل تفاقم مأساة غزة وتصاعد المجاعة، برز ناشطان عربيان من القاهرة وعمان كرمزين للمقاومة الشعبية ضد ما اعتبره كثيرون “تواطؤًا رسميًا” من مصر والأردن في حصار غزة وتجويع سكانها.

الناشطان هما: أنس حبيب من مصر وأيمن عبلي من الأردن. تحركاتهما، خاصة فعالياتهما الاحتجاجية في العواصم الغربية، كشفت عن تجربة نوعية في فضح الصمت والتواطؤ الرسمي، وإعادة ربط السلطة الشعبية بالقضية الفلسطينية.

غضب مصري لم يتوقف عن التحرك

من العاصمة الهولندية أمستردام، نفّذ الناشط المصري أنس حبيب احتجاجًا بصريًا رمزيًا قويًا: أغلق مقر سفارة بلده في هولندا باستخدام قفل حديدي، معلنًا رفضه “الخيانة العلنية للأنظمة المصرية”، التي وصفها بأنها “تواطئ مباشر في المجازر وتجويع أهل غزة”.

حبيب اتهم نظام الرئيس السيسي بـ”التواطؤ الكامل”، مبرزًا أن النظام يتحمل مسؤولية مباشرة في منع دخول المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح، رغم قربه الجغرافي من القطاع. وربط بين ما قال إنه “خيار سياسي” وبين استمرار المجازر، مؤكدًا أن صمته الرسمي يعادل الموافقة الضمنية على الجرائم.

وفي مقابلة معه، شدّد على أن تحركاته “ليست لأجل الأضواء أو مشاهد الانتباه”، بل كانت “صرخة ضمير” ضد ما اعتبره “خيانة وابتزاز سياسي”. رأى أن هذه التحركات تمثل ضغطًا علنيًا يزعج الأنظمة التي تعتمد على تحسين صورتها أمام الغرب دون مساءلة داخلية.

أيمن عبلي: سجين الأصوات الحرة في عمان

على الضفة الأخرى، احتجزت السلطات الأردنية مؤخرًا المؤثر الأردني أيمن عبلي بعد نشره مقطعًا يدعو إلى كسر الصمت حول أزمة غزة. «تغطية تعاطف واحة جارفة من النشطاء والمشاهدات»، وفقًا لما صدر في تغطيات إعلامية، دفعت السلطات إلى سحب الفيديو واعتقاله وإحالته إلى محكمة أمن الدولة.

تعرّض عبلي لانتهاك مباشر بحرية التعبير لممارسته حق التضامن مع غزة، مما أثار دعوات إعلامية ومحلية للتضامن معه، معتبرة حكمه بمثابة “إسكات مريب لنشطاء يؤيدون لإنقاذ شعب مُجوع”، ومطالبة السلطات بالإفراج عنه فوريًا.

السلطة الشعبية تتفوّق على الرسمية

يركّز الناشطان على حقيقة بسيطة: الشعوب لا تنسلخ عن قضاياها، حتى وإن خانتها حكوماتها. هو خطاب استعادة للوصلة المجتمعية بقضية عربية مركزية.

فقد واجه الحراك الشعبي الرسمي ونظّم احتجاجات مغلقة وخارجية، تهدف إلى تهشيم “الطوق الرسمي” حول قضية غزة، وإجبار الأنظمة على تقديم مواقف إنسانية ولو إعلاميًا.

وقد أعرب حبيب وعبلي عن أن هذه المواقف تنتقل من “مطلب رمزي” إلى “حراك يضغط عمليًا”، من إغلاق بوابات المؤسسات، إلى المقاطعة وسحب الشرعية الرمزية من الحكومات التي تخلّت عن واجبها تجاه شعب غزة.

ما الدور الذي تسعان لإظهاره؟

كشف التواطؤ السياسي: لأنّ تدخل مصر والأردن، وفق الناشطين، لا يقتصر على الصمت، بل يمتد إلى إجراءات رسمية تمنع المساعدات وتشدّد الحصار.

تسليط الضوء على الانعكاس الإنساني المباشر للحصار: تجويع الأطفال، توقف المساعدات، منع الدواء والغذاء عن المحتاجين.

إعادة تعريف المساحة الحقوقية الشعبية: من أعمال قوة في الشارع العربي والغربي، إلى تحريك الفاعلية الفردية للتأثير في السياسة الخارجية.

ردود الفعل الرسمية والمتابعون

تلقى اعتقال أيمن عبلي ردود فعل حادة من منظمات حقوقية وناشطين عبر وسائل التواصل، معتبرين أن “الأردن يتماهى مع سمعة تكميم الأفواه”، بينما تبقى الحكومة المصرية “مستفيدة من قتل الضمير الشعبي” كما قال حبيب.

منظمات حقوقية انتقدت السجنيات واعتبرت أن هذه الانتهاكات ترسل “رسالة بقمع أي صوت يدعو للحرية والتضامن”، معتبرة أن الثورة الرقمية ضد الحصار تُخنق قبل أن تبادر داخليًا.

دول تحاصر شعبًا تحت أنظار العالم

في غياب مواقف رسمية مؤثرة من القاهرة وعمان، يتحوّل هذا الحضور الميداني – عبر نشطاء مثل عبلي وحبيب – إلى تسجيل تاريخي للضغط الشعبي الحقيقي ضد الأنظمة التي تحمي الحصار وترعى استمراره.

الواقع أن أنظمة الحصار لا تقهر شعوبها الداخليّة فقط، بل تسعى لإثارة تواطؤات تدويل الصمت السياسي. وقد قدّم أنس حبيب وأيمن عبلي نموذجًا حقيقيًا لكيفية تحويل هذا الصمت إلى فاعلية سياسية وثقافية، توجّه الأنظار مرة أخرى إلى مأساة غزة، تحت عنوان الإنسانية أولًا.

وعليه فقد بات الناشطان أيمن عبلي وأنس حبيب واجهة حقوقية شعبية، ترسخ حقيقة أن الشعوب تستطيع أن تكون قوة ضاغطة على مستوى الدول، وأن الصمت الرسمي لا يمثّل ضميرها.

فمن خلال احتجاجاتهما، نجحا في فضح خذلان الأنظمة ودفع القضية نحو مكانتها الحقيقية – معركة كرامة ما بعد تواطؤ. إنهما نموذج نضالي عربي رقمي حي، يرمز إلى أن الأمل لا يموت ما دام هناك من يرفض الخضوع ويعلن التضامن بالفعل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى