مقرب من السلطة يبتلع 1830 دونمًا وسط غزة في صفقات مثيرة للجدل

تشهد المنطقة الوسطى في قطاع غزة حراكًا عقاريًا واقتصاديًا غير مسبوق، يرتبط وفق ما كشفته تقارير صحفية، بالتصورات الإسرائيلية–الأمريكية لما يُعرف بـ”اليوم التالي لغزة”.
وفي قلب هذا الحراك تبرز صفقات واسعة لشراء أراضٍ تمتد من مقبرة السوارحة في مخيم النصيرات وصولًا إلى بلدة الزوايدة، بمساحة تبلغ نحو 1830 دونمًا، وهي منطقة يجري العمل على تحويلها إلى مركز لوجستي محوري لعمل المنظمات الدولية خلال المرحلة المقبلة.
صفقات مثيرة للجدل
والأراضي التي شملتها عمليات الشراء تتمتع بموقع استراتيجي فريد؛ فهي تتقاطع مع شارع صلاح الدين، الشريان المركزي للحركة داخل القطاع، وتتصل أيضًا بشارع الرشيد الساحلي، كما تقع قرب معبر كيسوفيم الذي أعادت إسرائيل تشغيله للمرة الأولى منذ عام 2007.
وهذا الموقع يمنحها أفضلية لتكون العاصمة اللوجستية التي ستُدار منها عمليات الإغاثة ونشاط المؤسسات الدولية الكبرى مثل الأونروا واليونيسيف وأنيرا والهلال الأحمر وIHH.
ورغم أنها منطقة زراعية تضم شاليهات ومنتجعات صغيرة، فإن انخفاض الكثافة السكانية فيها سهّل إتمام عمليات البيع بعيدًا عن الإعلام، في ظل تنافس واضح بين مؤسسات دولية وإقليمية ومجموعات تجارية على الاستحواذ على مساحات إضافية منها.
مقرب من السلطة يبتلع 1830 دونمًا
وتُظهر المعلومات أن رجل الأعمال صاحب هذه الصفقات هو “م . ش”، المقرب من حسين الشيخ، نائب رئيس السلطة الفلسطينية، وصاحب شبكة علاقات واسعة مع رجال أعمال إسرائيليين.
وخلال الحرب، حصل الرجل على استثناء حصري من إسرائيل لإدخال البضائع والمساعدات عبر المعابر، وهو امتياز لم يُمنح لأي شخصية تجارية أخرى داخل غزة.
ولا يقتصر دوره على التجارة؛ إذ تشير التقارير إلى أنه يعمل كواجهة في عمليات الاستحواذ على الأراضي بطلب إسرائيلي، إضافة إلى امتلاكه أسطول شاحنات يصل إلى معبر كرم أبو سالم في رفح، وهو ما يتطلب موافقة أمنية إسرائيلية خاصة.
عمليات البيع تحت الخوف
وعمليات البيع تمت –بحسب مصادر “عربي بوست”– في أجواء مشحونة بالخوف من اجتياح إسرائيلي محتمل للمنطقة الوسطى، وتكرار مشهد الدمار في المناطق الشرقية التي سُوّيت بالأرض على امتداد ما بات يُعرف بالـ”خط الأصفر”.
وتبرز المنطقة الوسطى باعتبارها الأقل تضررًا خلال الحرب؛ إذ لم تتعرض لاجتياحات أو قصف كثيف، وبقيت بنيتها التحتية من طرق ومياه وصرف صحي وكهرباء واتصالات تعمل بشكل طبيعي إلى حد ما، ما جعلها الخيار الأكثر ملاءمة لعمليات التخزين والإمداد.
وتعيش المنظمات الدولية أزمة مالية ناجمة عن ارتفاع تكاليف التخزين، 50 ألف دولار شهريًا لاستئجار دونم واحد غرب القطاع، مقابل 15 ألف دولار شرقًا، رغم أن قربه من “الخط الأصفر” يجعله أقل أمانًا.
وهذا الواقع دفع منظمات إغاثية ورجال أعمال ومسؤولين في قطاعات المساعدات والتجارة إلى الانتقال نحو الاستثمار أو الإقامة في المنطقة الوسطى.
ووصف رئيس تحرير صحيفة “الاقتصادية” محمد أبو جياب ما يجري بأنه “تحركات منسقة وليست عشوائية”، مشيرًا إلى أن الإغراءات المالية دفعت كثيرًا من الملاك إلى البيع في ظل تنافس دولي متسارع.
ويذهب مراقبون إلى أن ما يجري أبعد من مجرد حركة بيع وشراء؛ فالمشهد يتقاطع مع تحولات سياسية أعمق تتحدث عن وضع غزة تحت إدارة لوجستية تُشرف عليها إسرائيل بشكل غير مباشر، عبر ما يشبه “وصاية دولية ناعمة” تتشكل تدريجيًا على الأرض.





