
في ظل الحصار الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، تتكشّف يومًا بعد يوم خيوط شبكة معقّدة تعمل على تقويض الاستقرار الداخلي للقطاع، تحت مظلّة “المساعدات الإنسانية”.
وأحدث ما جرى كشفه، يتمثل في تورط أجهزة أمنية عربية وإقليمية في دعم مجموعة “أبو شباب”، التي باتت تُعرف محليًا كواحدة من أخطر شبكات السطو والتعاون مع الاحتلال داخل غزة.
وبينما تروّج إسرائيل، بدعم أمريكي مباشر، لما يُعرف بـ”مؤسسة غزة الإنسانية” (GHF) كممر بديل للإغاثة، تتكشّف في الخفاء أدوار مشبوهة لأطراف عربية ساهمت في تأسيس وتمويل مجموعات محلية تخدم الأجندة الإسرائيلية داخل القطاع، وتعمل على تسهيل مشاريع الاحتلال العسكرية والاقتصادية واللوجستية.
المخابرات المصرية وأبو شباب
وبحسب مصادر أمنية مطّلعة، فإن المخابرات المصرية كانت على اتصال مباشر مع ياسر أبو شباب، زعيم المجموعة، وبلّغته صراحة بإمكانية فتح معبر رفح له شخصيًا في حال ضاق عليه الخناق داخل غزة، أو تعرّض لضغط أمني من قبل السلطات.
وهذا التنسيق المريب يعزز الشكوك حول توفر غطاء إقليمي لتحركات أبو شباب، وخصوصًا في ظل توقيت التصعيد الميداني وعمليات التفكيك التي تنفذها الجهات المختصة ضده.
تمويل إماراتي ولوجستيات مشبوهة عبر صلاح الدين
والاعترافات التي أدلى بها موقوفون من المجموعة كشفت أيضًا عن دور إماراتي مباشر في دعم أبو شباب، تمثّل في تزويده بـسيارات دفع رباعي وأجهزة إلكترونية متطورة، نُقلت إلى غزة عبر ممر صلاح الدين، بمعرفة وتسهيل من جهات إقليمية.
وهذا الدعم، وفق المصادر، لم يكن مخصصًا للأغراض الإنسانية، بل وُظف في بناء بنية أمنية موازية داخل القطاع، ترتبط بشكل وثيق مع الجيش الإسرائيلي.
كما أشارت التحقيقات إلى شراء كميات من الأسلحة والذخائر من السوق المحلي بتمويل من شخصيات فلسطينية تتعاون مع الاحتلال، وعلى رأسهم بهاء بعلوشة، الذي وُثق اسمه في عدة قضايا ذات صلة.
السلطة تجنّد لعصابة أبو شباب
واللافت أيضًا، أن بعض الشخصيات الأمنية العاملة في السلطة الفلسطينية عرضت على موظفي “حرس الرئاسة” الالتحاق بمجموعة أبو شباب مقابل رواتب تصل إلى 3000 شيكل شهريًا، بالإضافة إلى الحصول على مساعدات وكابونات من الشركة الأمريكية المرتبطة بمشروع GHF.
وهذه العروض تعكس محاولة اختراق منظم للبيئة الأمنية في غزة عبر عناصر يتم تجنيدها بدافع الحاجة المالية أو الولاء السياسي.
وأمام هذا الاختراق المتعدد الأوجه، اتخذت الأجهزة الأمنية في غزة سلسلة من الإجراءات الحاسمة، شملت فرض الإقامة الجبرية على مختارين لعائلات تورط أبناؤها في عمليات سطو، واعتقال عناصر فاعلة في شركة الخزندار، المتهمة بتوفير الدعم اللوجستي للمجموعة.
كما شملت الإجراءات الأمنية عددًا من المسلحين التابعين لعصابة أبو شباب، بعدما ثبت تورطهم في إطلاق النار على مدنيين فلسطينيين خلال تجمعهم عند مراكز توزيع المساعدات، ما أسفر عن إصابات في صفوف الجوعى والنازحين
ووفقًا لمصادر ميدانية، فإن الاحتلال الإسرائيلي استهدف الموقع الذي احتُجز فيه أحد أبرز أعضاء المجموعة بعد إدلاءه باعترافات خطيرة، ما يؤكد خشية الاحتلال من تسرب معلومات حساسة عن شبكة التعاون بينه وبين هذه العصابة.