كيف تدير السلطة أزمة الشيكل على حساب المواطن الفلسطيني؟

في وقت يعيش فيه المواطن في الضفة الغربية أزمات اقتصادية خانقة، فرضت السلطة الفلسطينية على الناس استخدام الدفع الإلكتروني وتطبيقات شحن الكهرباء، ثم فاجأتهم بفرض عمولة على الخدمة.
والأدهى – كما يصفه الشارع – أن هذه العمولة تُعفى إذا كان الشحن أقل من 100 شيكل، في خطوة وصفها كثيرون بأنها تلاعب بالألفاظ ومحاولة تمرير جباية جديدة بغطاء تقني.
والمفارقة أن الدفع الإلكتروني أقل تكلفة على البنوك والشركات، لغياب الموظفين والمقار والمصاريف التشغيلية، ومع ذلك تحوّل إلى مصدر ابتزاز جديد للمواطن المرهق اقتصاديًا.
ضعف الرقابة من سلطة النقد
وحذّر المحلل المالي محمد سلامة من خطورة السياسات التي تتبعها السلطة الفلسطينية في إدارة النظام المصرفي، خاصة في ظل أزمة تكدس الشيكل، والتي أصبحت تثقل الاقتصاد المحلي وتكشف عن اختلالات متراكمة في أداء البنوك وسلطة النقد.
وأكد سلامة أن بعض البنوك تجاوزت حدود الأمان المالي، من خلال منح قروض تفوق ما تملكه فعليًا من سيولة، بل واضطرت إلى الاستدانة لمواصلة الإقراض، ما يعكس خللًا فادحًا في إدارة المخاطر.
وبيّن أن سلطة النقد، بدلًا من معالجة الأزمة، ساهمت في تعقيدها بسبب غياب الضوابط الحقيقية وضعف الرقابة، ما يثير تساؤلات عن قدرة النظام المالي الفلسطيني على الصمود أمام الأزمات.
وزارة المالية وترسيخ تبعية الشيكل
وأشار سلامة إلى أن وزارة المالية تتحمل جانبًا كبيرًا من المسؤولية، لأنها رسخت الشيكل كعملة أساسية في النظام المالي، رغم أن الموازنات تُبنى على الدولار بينما تُسدد الالتزامات بالشيكل، وهو ما يخلق تشوهات مالية خطيرة.
وحذّر من أن استمرار الأزمة مع انقطاع العلاقة المصرفية مع الجانب الإسرائيلي يجعل البنوك عاجزة عن تسوية التزاماتها بعملات أخرى، ما يفاقم الضغط على السيولة ويهدد الاستقرار المالي بشكل مباشر.
ودعا سلامة إلى تقييم شامل للبنوك الفلسطينية وإعادة النظر في أسلوب عملها، مؤكدًا أن ضبط القطاع المصرفي بات ضرورة عاجلة للحفاظ على الاقتصاد من الانهيار.
أزمة تُدار على حساب المواطن
وأزمة الشيكل لم تعد مجرد خلل مالي، بل تحولت إلى أداة استنزاف يومية لجيوب المواطنين، والسلطة الفلسطينية والبنوك، بدلًا من إيجاد حلول جذرية، ينقلون ثقل أزماتهم إلى كاهل الناس، عبر العمولات والرسوم والقيود المصرفية.
وبينما يختنق السوق المحلي تحت ضغط نقص السيولة وغياب البدائل، يظل المواطن هو الحلقة الأضعف، يدفع ثمن سياسات مالية مرتبكة، ويدور في حلقة مفرغة من الأزمات التي صنعتها السلطة وتركته وحيدًا لمواجهتها.