أموال الإعمار تثير صداما غير معلن بين السلطة الفلسطينية ومصر

كشفت مصادر دبلوماسية متطابقة أن الإشراف على صرف أموال إعادة الإعمار في قطاع غزة يثير صداما غير معلن بين السلطة الفلسطينية ومصر في ظل التحركات لبلورة خطة عربية بشأن غزة.
وبحسب المصادر رفضت مصر والدول المانحة والداعمة بشدة، منح السلطة الفلسطينية إدارة مباشرة للأموال المخصصة لإعادة الإعمار، وهو ما يتمسك به الرئيس محمود عباس وفريقه الحاكم ما يضع العقبات أمام تنفيذ خطته بالشكل الذي يريده.
وتعتبر مسألة إدارة أموال الإعمار، أحد أبرز الأسباب التي تدفع مصر والدول المانحة إلى التحفظ على خطة عباس، في ظل وجود قلق دولي من أن تتولى السلطة الفلسطينية التصرف بهذه الأموال، خصوصاً في ظل اتهامات سابقة بضعف الشفافية والرقابة المالية وتفشي الفساد بين كبار مسئوليها.
ويرى المانحون أن سيطرة السلطة الكاملة على الأموال قد تفتح المجال واسعا للفساد الشخصي ولسوء استخدامها أو لتعزيز الاستقطاب السياسي بدلاً من تحقيق التنمية الفعلية داخل قطاع غزة.
في المقابل، يرفض عباس أي صيغة لا يكون للسلطة الفلسطينية الدور الأساسي فيها، معتبراً أن السيطرة على الأموال هي جزء من فرض سيادة السلطة على القطاع بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية.
بموازاة ذلك فإن مصر تتحفظ على أن السلطة الفلسطينية لا تمتلك الكوادر البشرية والإدارية اللازمة بما يمكنها من إدارة غزة بعد غيابها عن القطاع منذ عام 2007.
ويشدد المسئولون المصريون على أن أي عملية لإعادة السلطة إلى غزة تتطلب وجود جهاز إداري فعال على الأرض، وهو ما تفتقر إليه السلطة الفلسطينية حالياً، ما يجعل تنفيذ خطتها أمراً صعباً من الناحية العملية.
وبناءً على هذه التحفظات، تعمل القاهرة على صياغة تصور مختلف حول إدارة غزة وإعمارها، يرتكز على أن يكون الدور الرئيسي في الإشراف على القطاع بيدها، مع مشاركة الجهات الدولية المانحة، لضمان شفافية إدارة أموال الإعمار.
وفقاً لهذا التصور، ستتم إدارة المشاريع والبنية التحتية من خلال لجنة فنية خاضعة لمصر، وتحت رقابة دولية، لضمان تنفيذها وفق خطط تنموية واضحة. كما يشمل التصور المصري اختيار الكوادر المحلية التي ستتولى إدارة القطاعات المختلفة داخل غزة، مع إخضاع الأسماء لمراجعة أمنية دقيقة.
ووسط هذه الخلافات، تكمن العقبة الرئيسية في عدم تقبل عباس أي تصور لا يمنحه السيطرة المباشرة على غزة، خصوصاً مع إصراره على أن تكون السلطة الفلسطينية هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن القطاع، ورفض الفصائل لذلك.
وتتمحور رؤية عباس حول تمكين السلطة الفلسطينية من تولي مهامها ومسؤولياتها في قطاع غزة، على غرار إدارتها للضفة الغربية المحتلة، وذلك لتأكيد وحدة الأرض الفلسطينية، وولايتها الجغرافية والسياسية والقانونية.
وتتضمن الخطة ضرورة ضمان الانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع، إضافةً إلى تسلّم السلطة الفلسطينية جميع المعابر، بما في ذلك معبر كرم أبو سالم ومعبر رفح الحدودي مع مصر، على أن يتم تشغيل هذه المعابر بالتعاون مع مصر والاتحاد الأوروبي.