الدستور المؤقت.. عباس يعيد إنتاج حاشيته ويقصي معارضيه

قوبل إعلان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس المفاجئ عن تشكيل لجنة صياغة “دستور مؤقت” بموجة جدل وانتقادات حادة، وبكثير من التساؤلات عن الهدف والدلالات والتوقيت ومحاذيره.
ورأى محللون أن خطوة عباس فتحت الباب أمام عديد التساؤلات، خاصة بظل تشكيلها دون تشاور أو تفويض، ما ينذر بمخاوف من محاولات لإعادة ترتيب النظام السياسي بلون واحد، وخدمة لصالح فئة محددة بالسلطة.
رئيس الهيئة الدولية “حشد” صلاح عبد العاطي يرى في مراسيم عباس الأخيرة سواء بشأن تشكيل لجنة الانتخابات أو صياغة دستور مؤقت، بأنها تعكس حالة انعزال قيادة السلطة عن الواقع الفلسطيني الحقيقي.
السلطة منفصلة عن الواقع
ويقول عبد العاطي في تصريح إن الأولوية العاجلة يجب أن تكون موجهة صوب وقف حرب الإبادة الجماعية في غزة، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية، والتصدي لمخططات التهجير والضم الاستعماري والتهويد، بدلا من الانشغال بخطوات دستورية أو مراسيم منفصلة عن واقع الأزمة.
ويبين أن تشكيل لجنة الإشراف على الانتخابات مخالف لاتفاقات القاهرة والمصالحة، ويتجاوز مبدأ الشراكة السياسية، باقتصاره على لون سياسي واحد.
ويطالب بإعادة بناء مؤسسات النظام السياسي ومنظمة التحرير على أسس ديمقراطية وتشاركية، ووضع استراتيجية وطنية بقيادة موحدة، يشكل الركيزة الأساسية لإدارة المرحلة المقبلة وتجسيد دولة فلسطين على الأرض.
رئيس مركز “الحق” لحقوق الإنسان شعوان جبارين يشير إلى أن اللجنة شكلت من لون سياسي واحد، وسط غياب واضح لأي حوار وطني شامل يسبق الإعلان عنها.
ويوصم جبارين في تصريح مرسوم عباس بـ”الارتجالي”، مبينا أن الاحتجاج على تشكيل اللجنة كان من شخصيات قانونية بارزة، لا سيما مع تغييب كفاءات أكاديمية وقانونية معروفة، من مواقع جغرافية متعددة.
عباس رجل الفوضى
ويوضح أن “أسماء أدرجت ضمن عضوية اللجنة دون علم أصحابها، وعدلت لاحقًا دون مشاورتهم”.
ويؤكد جبارين أن عباس يمارس الارتجال السياسي ويتسبب بالفوضى، نتيجة غياب المؤسسة الناظمة للعمل الوطني، والتشاركية والاحتكام للمسارات الدستورية التي لا تنتج حلولًا بقدر ما تكرس الإرباك والانقسام.
الخبير القانوني صلاح موسى شارك سابقيه بالتحذير من أن يكون الإعلان قد يكون هدفه شرعنة استبعاد مكونات سياسية ومجتمعية.
ويعرب صلاح عن خشيته من “خطورة أن يؤسس لإلغاء القانون الأساسي والمجلس التشريعي، وبالتالي يقتصر الانتخابات فقط على المجلس الوطني”.
مرسوم خطير
ويشير إلى أن هذا يطرح تساؤلا متجددا حول التمثيل الحقيقي للفلسطينيين ويكثف السلطات بيد مجلس أصلا هو ليس لديه قدرة على الانعقاد والمساءلة من قبل الناس.
ويبين صلاح أن عدد من الأعضاء في لجنة الإعداد لانتخابات المجلس الوطني -التي صدر مرسوم بتشكيلها- هم أنفسهم أعضاء بلجنة إعداد الدستور المؤقت “وهذا غير معقول”.
وبرأي صلاح فإن غايات سياسية وليست قانونية وراء المرسوم، بما في ذلك توجيه رسالة للعالم من عباس -قبل اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بسبتمبر القادم- بأنه مستعد للذهاب إلى أبعد نقطة للحصول على الدولة بما في ذلك وضع التزامات بالدستور تقيد انضمام كثيرين للنظام السياسي.
ويدعو موسى بضرورة مراجعة تشكيلة أعضائها والعلاقات التي قد تكون سببا بعدم فعالية اللجنة، ووقف المرسوم لحين إجراء مزيد من المشاورات وضمان تمثل القطاعات.