عصمت منصور: من أسير سابق إلى بوق بماكينة الدعاية ضد المقاومة

تحوّل عصمت منصور، الأسير الفلسطيني السابق، إلى نموذج صارخ يمثل كيف يمكن لإسرائيل وأرع الإعلام العربي المطبّع توظيف بعض الأصوات الفلسطينية بحملات الدعاية ضد المقاومة وتشويه صورة الصمود في قطاع غزة.
فقد امتدح صحفي إسرائيلي منصور، في دلالة صريحة على الرضا الإسرائيلي عن خطابه. وهو أمر لا يُفهم بمعزل عن حقيقة أنّ منصور دأب منذ خروجه من السجن على لعب دور “المحلل والخبير” في الشأن الإسرائيلي لكن بخطاب يروّج للرواية الإسرائيلية أو يلتقي معها في نقاط حساسة، خاصة حين يتعلق الأمر بالمقاومة في غزة أو إيران كحليف داعم لها.
ليس غريبًا إذن أن يهاجم منصور، يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحماس سابقًا، ويوصفه بأنه “عديم الرحمة”، وهو توصيف يتطابق نصًا مع حملات التحريض الإسرائيلية الأخيرة التي ركّزت على شيطنته وتحميله مسؤولية الحرب والدمار.
من هو عصمت منصور؟
في المقابل، يحرص منصور على انتقاد إيران بوصفها داعمة لفصائل المقاومة الفلسطينية، وهي نفس الأسطوانة التي يكررها الإعلام الإسرائيلي والإماراتي والسعودي على حد سواء، في محاولة للفصل بين الفلسطينيين وبين حلفائهم في محور المقاومة.
يكفي النظر إلى القنوات التي تستضيف منصور بانتظام كي نفهم وظيفته الإعلامية. فهو ضيف دائم على قناة “العربية” السعودية و”سكاي نيوز عربية” الإماراتية، وهما من أبرز المنصات التي تحولت في السنوات الأخيرة إلى أذرع دعاية للدول العربية المنخرطة في التطبيع مع دولة الاحتلال.
ليس صدفة أن هذه القنوات توظف “محللين فلسطينيين” مثل منصور ليُمنح خطابها غطاءً فلسطينيًا، وكأنه “صوت من الداخل” يؤكد سرديتها ويشرعن هجومها على المقاومة.
النتيجة: منصور يظهر في صورة “خبير مستقل” بينما يقوم فعليًا بدور المروّج لرؤية أمنية إسرائيلية أو خليجية تتماهى مع مصالح تل أبيب.
عصمت منصور ويكيبيديا
الأخطر في دور منصور أنه لا يكتفي بنقل تحليلات أو رؤى سياسية، بل ينخرط في تحريض فجّ ضد غزة والمقاومة.
إذ طعن مرارًا في شرعية فصائل المقاومة السياسية والميدانية، وحرص على تحميلها المسؤولية عن الحرب، متجاهلًا سياق العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ عقود.
كما يروّج منصور لرواية أن “حماس تحتجز غزة رهينة”، وهي من صميم الدعاية الإسرائيلية التي تسعى لتأليب الرأي العام الفلسطيني والعربي ضد المقاومة. وبهذا لا يختلف خطابه عن خطاب الصحافة الإسرائيلية أو بيانات الناطق باسم جيش الاحتلال.
ما يقوم به منصور يتجاوز حدود حرية الرأي أو حق الاختلاف السياسي. فهو يشارك عمليًا في ماكينة تحريض تستهدف المقاومة، وتبرر العدوان على غزة، وتشوه صورة الفصائل الفلسطينية أمام الجماهير العربية.
الأخطر أنه يساعد إعلام دول التطبيع في تمرير أجندته، التي تركز على فصل القضية الفلسطينية عن بعدها التحرري، وتحويلها إلى ملف “إنساني” محصور في المساعدات والاحتياجات المعيشية، مع تغييب كلي لجذور الاحتلال والعدوان.
ولا يمكن إغفال أن ظهور منصور في الإعلام الخليجي يأتي في سياق أوسع لخلق بدائل فلسطينية “معتدلة” يجري تسويقها كقيادات مستقبلية، على حساب قوى المقاومة. وهي سياسة تتقاطع مع المشاريع الإسرائيلية الرامية إلى إعادة هندسة الساحة الفلسطينية بما يضمن أمن دولة الاحتلال أولًا وأخيرًا.
عصمت منصور السيرة الذاتية
وبالإجمال فإن عصمت منصور تحول من أسير سابق إلى أداة دعائية، يقدّم خدمة ثمينة لإسرائيل ولدول عربية اختارت الاصطفاف مع الاحتلال ضد شعبه.
خطابه لم يعد مجرد وجهة نظر، بل صار جزءًا من منظومة متكاملة تسعى إلى تفكيك السردية الفلسطينية، وتجريم المقاومة، وتبييض صفحة الاحتلال.
ومن هنا، يصبح فضح دوره واجبًا على كل من يرفض أن تتحول تضحيات الأسرى إلى أوراق تُستخدم ضد شعبهم، وتُسخّر لخدمة مشاريع تصفية القضية الفلسطينية.