معالجات اخبارية
أخر الأخبار

كيف تحولت المساعدات لغزة إلى أداة ابتزاز سياسي بغطاء إنساني؟

بينما يشتد الحصار والقصف على قطاع غزة، يعيش أكثر من مليوني فلسطيني كارثة إنسانية غير مسبوقة. وفي الوقت الذي يُفترض فيه أن تكون المساعدات الإنسانية طوق نجاة، تحولت إلى ورقة ضغط في لعبة سياسية تقودها الولايات المتحدة ويدفع ثمنها الأبرياء.

 المساعدات أداة ابتزاز سياسي

ويؤكد الكاتب الفلسطيني محمد القيق أن المساعدات التي تروّج لها واشنطن ليست ذات دوافع إنسانية، بل ورقة تفاوض سياسي تُستثمر ضمن خطة “اليوم التالي” التي تسعى واشنطن لتمريرها بغطاء من بعض الدول العربية.

وقال القيق إن الولايات المتحدة “تحاول فرض الهيمنة على غزة من خلال كيس طحين”، محذّرًا من أن ما يجري هو تسييس فاضح للعمل الإغاثي.

وتابع: “العجز العسكري عن تحقيق الأهداف دفع الاحتلال، بدعم أميركي، إلى استخدام سلاح التجويع، وهو ما يصنّفه القانون الدولي كجريمة حرب”.

كما أشار إلى أن مماطلة إدخال المساعدات حتى بعد الإفراج عن الأسير الأميركي ألكسندر تكشف عن استثمار سياسي واضح، مضيفًا: “الهدف ليس إنقاذ المدنيين، بل فرض ترتيبات ميدانية تخدم الاحتلال”.

 تسييس العمل الإنساني

ويرى مراقبون أن المجتمع الدولي يتعامل بازدواجية فاضحة مع كارثة غزة. فالخطابات الإنسانية التي تصدر عن العواصم الكبرى تخفي في طياتها مواقف سياسية منحازة.

وقال د. إياد القطراوي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة، إن “قضية المساعدات الإنسانية أصبحت اختبارًا أخلاقيًا للمجتمع الدولي، وليس فقط أزمة سياسية”.

وأضاف: “وفقًا لاتفاقيات جنيف، يجب أن تُقدَّم المساعدات للمدنيين دون شروط سياسية أو تمييز. ما نشهده اليوم هو تقاعس مقنّع بخطاب إنساني فارغ”.

  غزة تحوّلت إلى جحيم

وفي تقرير صادم، أكدت منظمة “أطباء بلا حدود” أن إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، تتسبب عمدًا في كارثة إنسانية في قطاع غزة، محذّرة من أن الوضع في القطاع “أصبح جحيمًا على الأرض”.

وكشفت المنظمة أن طواقمها رصدت زيادة بنسبة 32% في حالات سوء التغذية خلال الأسبوعين الماضيين، وسط انهيار شامل للقطاع الصحي ونقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية.

وأضافت: “المرافق الصحية الباقية تتعرض للهجوم، ولم تصلنا أي إمدادات منذ 11 أسبوعًا. حتى الكمادات والقفازات المعقّمة أصبحت مفقودة”.

 عدوان مستمر بدعم أمريكي

وتجدد العدوان الإسرائيلي على غزة في 18 آذار/مارس 2025 بعد هدنة هشّة دامت شهرين، إلا أن الاحتلال لم يلتزم ببنودها، واستأنف الحصار والهجمات بدعم أمريكي وأوروبي مباشر.

ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أسفرت الحرب عن أكثر من 172 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود، وسط صمت دولي مطبق وتواطؤ مع سياسة الإبادة الجماعية.

وتحوّلت المساعدات الإنسانية في غزة من أداة للنجاة إلى أداة ضغط وابتزاز سياسي. وما بين التسييس المتعمد، والانهيار الكامل للمنظومة الصحية، والمواقف الدولية المزدوجة، يعيش قطاع غزة أسوأ كارثة إنسانية في العصر الحديث.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى