معالجات اخبارية
أخر الأخبار

أكاذيب المساعدات تتساقط في رفح.. الخطة الأمريكية تسقط قبل انطلاقها

لم تنتظر الخطة الأمريكية – الإسرائيلية الجديدة لتوزيع المساعدات في رفح كثيرًا قبل أن تواجه رفضًا شعبيًا ورسميًا واسعًا، إذ اعتُبرت محاولة مكشوفة لشرعنة الحصار وتكريس واقع التهجير الجماعي تحت لافتة إنسانية مُضلِّلة.

ورغم الترويج المكثف لما قيل إنها “مبادرة لتخفيف المعاناة”، إلا أن جوهر المشروع تَكشّف سريعًا وهو خطة تجويع ممنهجة، مغلفة بالحديث عن الإغاثة، تستهدف ترسيخ الوقائع التي فرضتها الحرب على غزة، بدلًا من تفكيكها.

أكاذيب المساعدات والخطة الأمريكية

وتتضمن الخطة الأمريكية إنشاء أربع نقاط لتوزيع المساعدات في جنوب القطاع – ثلاث منها داخل رفح، والرابعة قرب نتساريم – في وقت لا تزال إسرائيل تمنع إدخال المساعدات إلى شمال ووسط غزة، حيث يعيش مئات الآلاف في ظروف مجاعة فعلية.

لكن اللافت أن هذه النقاط تخضع لإشراف شركات أمريكية خاصة، تحت حماية أمنية إسرائيلية مباشرة، وبتنسيق مع منظمة مشبوهة حديثة التأسيس في سويسرا تُدعى “مؤسسة غزة الإنسانية”، يُعتقد أن خلفها يقف المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف.

وقالت تقارير عبرية صراحة إن الهدف الحقيقي من هذه الخطة هو تسريع تفريغ شمال غزة من سكانه، بما ينسجم مع ما صرّح به نتنياهو أكثر من مرة وهي تنفيذ صفقة ترامب وتهجير الفلسطينيين إلى جنوب القطاع تمهيدًا لفصل غزة عن المشروع الوطني الفلسطيني.

الخطة الأمريكية تسقط قبل انطلاقها

الفلسطينيون، سياسيًا وشعبيًا، لم يُخدعوا هذه المرة. فسرعان ما قُوبلت الخطة برفض واسع، واعتُبرت محاولة لإعادة تدوير الحصار بمنطق “الإغاثة المشروطة”.

فبدلًا من فتح المعابر والسماح بمرور 600 شاحنة يوميًا كما تطالب الأمم المتحدة، يجري الآن تقنين دخول الطعام والماء على شكل “نقاط توزيع” تابعة للاحتلال، وكأنها مكافآت مشروطة بالتهجير والتسليم.

ولم تتوانَ وكالة “الأونروا” في تحذيرها: “السبيل الوحيد لمنع الكارثة هو تدفق المساعدات بشكل فعّال ومتواصل”.

أما المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، فوصف الخطة بأنها “شكل جديد من الحصار” و”أداة لإبادة بغطاء قانوني”، مؤكدًا أنها لا تلبّي الحد الأدنى من معايير العمل الإنساني، بل تُقصي المؤسسات الدولية وتحوّل العمل الإغاثي إلى ورقة ابتزاز سياسي.

وتوقيت طرح هذه الخطة لم يكن بريئًا. فبالتزامن مع تصعيد العمليات العسكرية الإسرائيلية، تسعى واشنطن وتل أبيب لتجميل صورتَيهما عبر واجهة إنسانية زائفة. لكن السقوط الأخلاقي والسياسي لهذه الخطة كان مدويًا، إذ سقطت قبل أن تبدأ، لأنها تخدم الاحتلال لا الإنسان، وتعمّق المعاناة بدلًا من التخفيف عنها.

الواقع في غزة اليوم لا يحتاج إلى “خيام توزيع” ولا “منظمات وهمية”؛ بل إلى كسر الحصار فورًا، وإدخال المساعدات دون شروط، وإعادة الاعتبار للعمل الإنساني بعيدًا عن الابتزاز السياسي.

وما تروج له إسرائيل والولايات المتحدة هو احتلال بإدارة إنسانية، لا إغاثة حقيقية. فحين تتحول المساعدات إلى أداة تهجير، ويُدار الغذاء بأوامر عسكرية، تفقد كل مبادرة شرعيتها وتسقط كل خدعة مهما تجمّلت.

وقال ناشط ميداني في جنوب غزة، “الخطة الأمريكية فشلت قبل أن تُطبق، لأنها ببساطة محاولة للضحك على معاناة الناس. الفلسطيني اليوم لم يعد يقبل بالتنازل عن كرامته مقابل كيس طحين. وغزة، التي تُذبح أمام أعين العالم، لا تحتاج مسكنًا مؤقتًا للألم، بل تحركًا دوليًا حقيقيًا يوقف المجزرة، ويكسر الحصار، ويُحاسب القتلة.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى