
في خطوة أثارت موجة من الغضب والاستنكار، واصلت السلطة الفلسطينية ممارساتها القمعية بحق الأسرى والمحررين، عبر قرارات متسلسلة تضمنت قطع رواتب الآلاف منهم، وسط تمييز صارخ على أساس الانتماء الفصائلي.
تمييز فصائلي مفضوح
كشف وزير شؤون الأسرى في السلطة الفلسطينية رائد أبو الحمص أن مخصصات الأسرى تُصرف فقط لأبناء حركة فتح، في حين جرى وقفها تمامًا لأسرى حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
وقال أبو الحمص، في تصريح لراديو “أجيال”، إنه أُبلغ رسميًا بأن الحلول المطروحة لا تشمل إلا أسرى فتح، دون أي اعتبار لباقي الفصائل.
وأضاف أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية مارست ضغوطًا على أسرى فتح المحررين في القاهرة لمنعهم من التوجه إلى دولة بعينها، في إشارة إلى تركيا، معتبرة أن وجودهم هناك يُفقدها القدرة على ابتزازهم أو التحكم في لقمة عيشهم.
سلوك يفضح زيف “التمثيل الوطني”
وعلّق الناشط السياسي ياسين عز الدين على تصريحات أبو الحمص قائلًا: “رغم أنه محسوب على السلطة، إلا أن موقفه هذا شجاع وسيكلفه منصبه”.
وأضاف: “نتساءل: عن أي سلطة نتحدث، إذا كانت تعتبر نفسها مسؤولة فقط عن فصيل واحد؟”.
وأشار عز الدين إلى أن سلوك السلطة يعكس خشيتها من فقدان أدوات السيطرة على الأسرى المحررين، في حال غادروا إلى أماكن لا تستطيع التدخل فيها، مثل تركيا.
تحويل قضية الأسرى إلى معونة
وفي سياق متصل، أكدت مصادر حقوقية أن السلطة الفلسطينية أوقفت رواتب نحو 1612 أسيرًا داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى عدد كبير من المحررين، بناءً على “توصيات أمنية”.
ويُضاف إلى ذلك ما يمارسه ما يُعرف بـ”مؤسسة تمكين” برئاسة أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، من إهانة وإذلال للأسرى المحررين، عبر آليات معقدة للحصول على مخصصاتهم، تجعلهم يترددون مرارًا ويُعاملون كمحتاجين بدلًا من مناضلين.
وهذا السلوك، بحسب مراقبين، يُعبّر عن توجه واضح لتقزيم دور الأسير الفلسطيني، وتحويل قضيته من قضية نضال وطني إلى مجرد ملف “مساعدة اجتماعية” مشروط بولاء سياسي.
انتهاك وطني وأخلاقي
وفي ختام هذا التصعيد، أعرب مكتب إعلام الأسرى عن استنكاره الشديد لقرار السلطة، واصفًا إياه بـ”الانتهاك المباشر لحقوق الأسرى المادية والمعنوية، وتغافل عن تضحياتهم ومكانتهم الوطنية”.
وأوضح المكتب أن القرار جاء عقب المرسوم الرئاسي الصادر في 10 فبراير 2025، والذي ألغى قانون الأسرى والمحررين، ما جعل تقييم أوضاعهم يخضع لمعايير إدارية بحتة، بدلًا من الاعتراف بدورهم في معركة التحرر الوطني.
وأكد المكتب أن هذا التوجه يُهدد مكانة الحركة الأسيرة، ويُنذر بتصدعات خطيرة في الصف الوطني، مطالبًا السلطة الفلسطينية بالتراجع الفوري عن القرار، وإعادة العمل بالقوانين التي تحمي كرامة الأسرى.
وختم المكتب بيانه بالقول:”الحفاظ على حقوق الأسرى والمحررين واجب وطني وأخلاقي لا يحتمل التأجيل أو التراجع، ولا يجوز إخضاعه لأي حسابات إدارية أو سياسية”.