قضايا فساد جديدة تكشف إخفاقات السلطة في حماية المال العام

كشف مراقبون اقتصاديون أن القضايا المتعلقة بالفساد التي بدأت تظهر مؤخراً بين بعض قيادات السلطة الفلسطينية، رغم تأخرها، تُعد خطوة مهمة نحو الإصلاح المالي والإداري.
وأوضح المراقبون أن سنوات من الفساد والتغطية عليه أدت إلى تراجع الأداء المؤسسي، وزيادة سوء استخدام المال العام، ما انعكس سلبًا على ثقة المواطنين بالأجهزة الرسمية وعلى سير التنمية الاقتصادية.
وطالب الخبراء بالاستمرار في التحقيقات ومحاسبة كل من يثبت تورطه، مؤكدين أن الشفافية والمساءلة أساس لاستعادة الثقة بالمؤسسات الوطنية.
الفساد داخل السلطة
وقال الخبير الاقتصادي د. نائل موسى إن الإجراءات الحالية لملاحقة شخصيات متورطة في شبهات فساد تُشكل خطوة مهمة في مسار الإصلاح الفلسطيني، لكنها تتطلب إرادة سياسية حقيقية واستمرارية لتجنب أن تكون مجرد خطوة مؤقتة.
وأضاف موسى أن محاربة الفساد لا تقتصر على الملاحقة القانونية، بل تشمل أيضًا إصلاحات هيكلية وإدارية في المؤسسات، مثل أنظمة التعيين والرقابة والمشتريات العامة، لضمان سد الثغرات التي استُغل فيها المال العام.
وأكد موسى أن الفساد أثر مباشرة على البيئة الاستثمارية وأبعد رؤوس الأموال المحلية والخارجية، مشددًا على أن استعادة الثقة تتطلب تطبيق القانون على الجميع دون استثناء.
الإصلاح والمساءلة
ويرى الخبير الاقتصادي خالد أبو عامر أن حملة الاعتقالات الأخيرة تعكس توجهًا عامًا لدى المواطنين نحو رفض الفساد والمطالبة بالمحاسبة بعد سنوات من الإحباط وغياب المساءلة.
وأوضح أن الفساد لم يقتصر على خسائر مالية، بل أثر على المشاريع الحيوية وأضعف قدرة الحكومة على إدارة الموارد بكفاءة، مؤكدًا أن الإصلاح الحقيقي يبدأ بتحرير المؤسسات من النفوذ الشخصي والسياسي، وتفعيل الرقابة المالية والقضائية المستقلة.
وأضاف أبو عامر أن نجاح الحملة يعتمد على شفافيتها وقدرتها على الوصول إلى جذور الفساد، داعيًا إلى تحويل هذه الإجراءات إلى مسار دائم للإصلاح والمساءلة.
وأشارت عدة منظمات محلية ودولية إلى أن الإفلات من العقاب يضعف فعالية الحكومة ويقلل قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية، مؤكدة أن الإصلاح المالي والإداري يجب أن يكون مستمرًا وشاملاً لحماية الموارد العامة وتحقيق العدالة الاجتماعية.
قضايا فساد
وتشكل قضايا فساد نظمي مهنا وطارق زعرب آخر الملفات التي تم الكشف عنها داخل السلطة الفلسطينية فيما يتعلق بالفساد المالي والإداري.
وأكدت النيابة العامة أن التحقيقات المتعلقة بهذه القضايا لا تزال جارية بإشراف مباشر من النائب العام، مشددة على التزامها بالأطر القانونية والإجراءات القضائية المعمول بها.
وأوضحت النيابة في بيان أن نيابة جرائم الفساد تتابع هذه الملفات “بكل جدية وشفافية واستقلالية”، مع الالتزام الكامل بسرية التحقيقات وضمان حقوق جميع الأطراف، مشيرة إلى أن ذلك يفرض عدم الكشف عن تفاصيل إضافية في هذه المرحلة.
وشددت النيابة على أنها ستستكمل الإجراءات القانونية بحق كل من يثبت تورطه في أي أفعال تشكل جريمة فساد، مؤكدة أن ملاحقة الفساد المالي والإداري تمثل جزءًا أساسيًا من رسالتها لحماية المال العام وتعزيز سيادة القانون، وهو ما يجعل هذه القضايا آخر المستجدات في مشهد مكافحة الفساد بالسلطة الفلسطينية.