
منذ اللحظة التي استُغلت فيها التظاهرة في بيت لاهيا للهتاف ضد المقاومة، بدا جليًا أن هناك من يسعى لتقويض البوصلة الفلسطينية في ذروة المجازر الإسرائيلية. ولم يكن الأمر عفويًا، بل نتيجة عمل ممنهج تقوده شخصيات تُقيم خارج غزة وتعمل بوضوح ضمن ما يمكن تسميته بـ”شبكة أفيخاي”—وواحد من أبرز هذه الأسماء هو فادي العصار.
من هو فادي العصار؟
فادي العصار، من مواليد عام 1989، حاصل على بكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة الأزهر في غزة، ويقيم حاليًا في بلجيكا.
واشتهر في الآونة الأخيرة بمواقفه المثيرة للجدل على منصات التواصل، حيث تتقاطع تصريحاته بشكل لافت مع الرواية الإسرائيلية، خصوصًا في ما يتعلق بالمقاومة الفلسطينية والواقع الميداني في قطاع غزة.
ويُنظر إليه كأحد الأصوات التي توظَّف في إطار حملة ممنهجة تستهدف تشويه صورة المقاومة وتفكيك حاضنتها الشعبية من الخارج.
من الناقد إلى المحرّض
ولم يعد فادي العصار يكتفي بالتحليل أو إبداء الرأي، بل تحوّل إلى منصة صريحة للتحريض على المقاومة، متبنيًا خطابًا يُركّز على تصوير حماس كعبء على غزة، ومتهمًا إياها بـ”المتاجرة بدماء الناس”، وهو خطاب تلتقطه جهات إسرائيلية وتعيد تدويره ضمن الحرب النفسية الموازية للعدوان العسكري.
وأحد أخطر تصريحاته كان تبريره للحصار، ودعوته إلى “التفاوض على السلاح”، وتوصيفه غير المباشر لعمليات المقاومة بـ”الانتحار السياسي”، وهو ما يُستخدم كذخيرة ناعمة في ماكينة الإعلام الإسرائيلي التي تسعى لفصل الشعب الفلسطيني عن مقاومته.
فادي العصار و”شبكة أفيخاي”
وبحسب تقارير دولية، من بينها موقع Evening Star، فإن إسرائيل أنشأت خلية بإشراف الناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، هدفها “إضعاف حماس من الداخل”، عبر تأجيج الرأي العام ضدها.
وتضم الخلية مجموعة من الشخصيات المؤثرة عربيًا وفلسطينيًا، من بينها فادي العصار، الذي يُسهِم في ترويج الروايات التي تتقاطع مع أهداف الخلية كإبراز معاناة المدنيين، وتضخيم أي مظاهرة أو تذمر، وإظهار فصائل المقاومة كسببٍ للحرب لا كطرف يدافع عن الشعب.
أجندة مدفوعة
وما يُروّج له فادي العصار لا يدخل ضمن “حرية التعبير” في زمن المجازر، بل ضمن مشروع مكتمل الأركان لتقويض الرواية الفلسطينية، وتفكيك الجبهة الداخلية في غزة. فمع كل تغريدة أو منشور ينتجه، يُعاد تدويره عبر حسابات مشبوهة، بعضها وهمي، وبنصوص موحدة وكأنها صادرة عن غرفة عمليات واحدة.
ولم يخفِ العصار ارتباطه بـ”مجموعات ناشطة” في أوروبا ومصر تنسق فيما بينها، وتستثمر في كل فرصة لإبراز المقاومة كمشكلة، في ظل الصمت الكامل عن جرائم الاحتلال التي تفتك بكل شيء حي في القطاع.
وفي الوقت الذي يقف فيه الشعب الفلسطيني شبه أعزل في وجه واحدة من أعتى الآلات العسكرية بالعالم، يخرج أمثال فادي العصار ليطعنوا الجبهة من الخلف.
فبدلًا من الانشغال بتوثيق جرائم الاحتلال، يعمل على شيطنة المقاومة—السلاح الوحيد المتبقي لشعب تُرك ليواجه الموت وحده.