إجماع إقليمي على مسؤولية نتنياهو في تعطيل التهدئة بغزة… وشبكة أفيخاي تغرد خارج السرب

دفع الهجوم الإسرائيلي الغادر على وفد حركة حماس المفاوض في قطر، إلى بروز إجماع واضح بين الفاعلين الإقليميين على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو الطرف الأساسي الذي يعرقل الوصول إلى صيغة نهائية ويصر على تعطيل اتفاق التهدئة.
في المقابل، تظهر شبكة أفيخاي، الذراع الإعلامي للاحتلال في المنطقة العربية، وهي تروّج لرواية مغايرة تمامًا تتهم المقاومة الفلسطينية بالمسؤولية عن استمرار الحرب، في محاولة لصرف الأنظار عن مسؤولية القيادة الإسرائيلية.
القاهرة والدوحة: اتهام مباشر لنتنياهو
أبرزت مصر وقطر، الدولتان الأكثر انخراطًا في جهود الوساطة بين حركة حماس ودولة الاحتلال موقفًا حاسمًا تجاه التعطيل.
مصر، التي تتصدر عادة جهود الوساطة، شددت على أن “التعنت الإسرائيلي، وخاصة من جانب نتنياهو، هو السبب المباشر لتأخر اتفاق وقف إطلاق النار”.
ورأت القاهرة أن ما يجري “ليس مجرد تفاصيل فنية عالقة، بل قرار سياسي متعمد لإطالة أمد الحرب، رغم الكارثة الإنسانية التي يعيشها القطاع”.
قطر من جهتها، عبّرت بوضوح عن استيائها من ممارسات نتنياهو. ففي تصريحات رسمية، أكد رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن “الدوحة بذلت جهودًا متواصلة لتقريب وجهات النظر، لكن العراقيل تأتي من الحكومة الإسرائيلية التي تبحث عن مبررات للهروب من استحقاقات وقف إطلاق النار”.
وأضاف: “من الواضح أن نتنياهو لا يريد تهدئة حقيقية، بل يسعى لكسب الوقت وتثبيت مكاسب سياسية على حساب دماء المدنيين”.
هذا التلاقي بين القاهرة والدوحة، رغم اختلاف سياقاتهما الإقليمية، يعكس أن نتنياهو أصبح معزولًا سياسيًا في الملف، وأن حججه لم تعد تجد قبولًا لدى الوسطاء.
حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة
من داخل الأراضي الفلسطينية، جاءت أصوات قيادية بارزة لتؤكد نفس الموقف.
إذ صرح القيادي في حركة فتح جبريل الرجوب بأن “نتنياهو هو المعرقل الوحيد للاتفاق”، مشددًا على أن “كل الشركاء الدوليين والإقليميين يعرفون أن المقاومة أبدت مرونة في ملفات عديدة، بينما يواصل الاحتلال سياسة المماطلة والمجازر”.
بدوره، قال منير الجاغوب، مسؤول الإعلام في مفوضية التعبئة والتنظيم بحركة فتح، إن “الدم الفلسطيني يُستنزف يوميًا لأن نتنياهو يهرب من الاستحقاقات السياسية”. وأكد أن “الحكومة الإسرائيلية لا تريد اتفاقًا، بل تريد إبقاء غزة في دوامة الدم والدمار”.
وقد جاءت هذه المواقف الفلسطينية متسقة مع ما تقوله مصر وقطر، وهو ما يعزز فكرة أن هناك إجماعًا إقليميًا ودوليًا جزئيًا على تحديد المسؤولية، وعدم تركها ضبابية كما كان يحدث في جولات سابقة.
شبكة أفيخاي: رواية مضادة
في مقابل هذا الإجماع، تواصل ما تُعرف بـ”شبكة أفيخاي”، وهي شبكة إعلامية ناطقة بالعربية مرتبطة بالناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، تغريدها خارج السرب.
إذ تتبنى الشبكة خطابًا مغايرًا يحمّل المقاومة الفلسطينية مسؤولية تعطيل التهدئة. ومن خلال منصاتها، تُكرّر الرواية الإسرائيلية التي تزعم أن حماس “ترفض العروض” وأنها “تسعى لإطالة أمد الحرب لخدمة أجندات خارجية”.
غير أن هذه الرواية لا تجد أي صدى لدى الوسطاء الإقليميين، ولا حتى عند كثير من الدوائر الدولية. فالأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يعلمون أن العقبة الجوهرية تكمن في رفض نتنياهو الالتزام بوقف شامل لإطلاق النار يتبعه انسحاب تدريجي.
وبذلك، تبدو شبكة أفيخاي وكأنها تعمل على تسويق خطاب دعائي يستهدف الرأي العام العربي، في محاولة لتشويه صورة المقاومة وتخفيف الضغط المتصاعد على إسرائيل.
ويرى مراقبون أن نتنياهو يسعى إلى إطالة أمد الحرب لأسباب داخلية. فبقاؤه السياسي بات مرتبطًا بإبقاء دولة الاحتلال في حالة طوارئ مستمرة، ما يسمح له بتأجيل الاستحقاقات القضائية والسياسية التي تهدد مستقبله.
ويوفر له هذا التكتيك بعض المكاسب قصيرة المدى، لكنه جعل دولة الاحتلال في مواجهة مفتوحة مع الرأي العام العالمي، ومع شركاء إقليميين أساسيين كانوا في السابق أكثر تفهمًا لمواقفها.
في المقابل، تبقى شبكة أفيخاي استثناءً، تمثل صوت الدعاية الإسرائيلية أكثر من كونها جزءًا من الحوار الإقليمي وما تظهره الوقائع على الأرض وذلك بالإصرار على تبني رواية الاحتلال وتحميل المقاومة وزر الحرب.