التخبط والارتباك يسيطران على محور عباس وحسين الشيخ للتحكم بقيادة السلطة

يسيطر التخبط والارتباك على محور رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وحليفه المقرب حسين الشيخ للتحكم بقيادة السلطة في المرحلة المقبلة وهو ما ظهر جليا بما يتم اتخاذه من خطوات استباقية بعيدا عن التوافق الوطني ومواقف الرأي العام الفلسطيني.
فقد أعلن عباس، البالغ من العمر 89 عامًا، عن تعيين نائبه حسين الشيخ ليحل محله مؤقتًا في حال شغور منصب الرئاسة، لمدة تصل إلى 90 يومًا، على أن تُجرى انتخابات جديدة بعد هذه الفترة.
ويأتي هذا القرار بعد إلغاء مرسوم سابق كان ينص على تولي روحي فتوح، رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، مهام الرئيس المؤقت، ما يعكس موقفًا واضحًا لعباس في تحديد مسار السلطة بعده، مع تعزيز دور الشيخ بوصفه نائبًا حديث التعيين منذ أبريل الماضي عند استحداث هذا المنصب.
ويعتقد مراقبون أن المرسوم الرئاسي يعكس حرص عباس على الحفاظ على استمرارية فريقه المتنفذ ويتيح إمكانية تمديد ولاية الرئيس المؤقت إذا تعذرت الانتخابات، وهو ما يعد خطوة مهمة لتجنب فراغ محتمل في السلطة.
وتأتي هذه الخطوة في سياق ضغوط دولية متزايدة لإصلاح السلطة الفلسطينية، وتحضيرها لتحمل مسؤولية إدارة غزة مستقبلًا، وسط مخاوف متنامية مع اقتراب عباس من إتمام عامه التسعين.
وفي هذا السياق، يبرز اختيار حسين الشيخ بوصفه نائبًا مؤقتًا كحل استراتيجي لفرض رغبات عباس وفريقه المتنفذ دون أي اعتبار للتوافق الوطني ومواقف الرأي العام الفلسطيني.
من هو حسين الشيخ؟
أكد عباس، في سياق الإعلان، على أهمية الحرية وسيادة القانون والمساواة والتعددية والعدالة الاجتماعية كأساس لأي قيادة مستقبلية وذلك في تصريحات رمزية في مضمونها، لا تنعكس فعليا على الأرض بأي حال.
إذ أن عباس تجاهل إجراء أي مشاورات مع الفصائل الفلسطينية بما فيها تلك المنضوية في إطار منظمة التحرير، والأهم أنه تجاهل كليا الرأي العام الذي لا يؤيده شخصيا ولا يؤيد الشيخ.
ويُنظر عباس إلى الشيخ على أنه خيار أكثر استقرارًا في المرحلة الانتقالية، نظرًا لعلاقاته الواسعة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي وخبرته الطويلة في التنسيق الأمني.
كما أن العلاقات الإيجابية للشيخ مع دولة الاحتلال تمنحه موقعًا مناسبًا للحفاظ على التنسيق الأمني والسياسي، وهو عنصر أساسي في ظل القيود التي تفرضها اتفاقيات أوسلو على السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
محمود عباس ويكيبيديا
رغم أن التعيين المؤقت يهدف إلى حماية استقرار المؤسسات الفلسطينية، إلا أن التحديات التي تنتظر الشيخ كبيرة ومعقدة.
إذ أن استمرارية التنسيق مع دولة الاحتلال والحفاظ على القبول الدولي سيكونان من أهم معايير نجاح أي إدارة مؤقتة.
ويضاف إلى ذلك الضغط الداخلي الناتج عن التحديات الاقتصادية، وقيود الاحتلال، والحاجة إلى إصلاحات هيكلية واسعة، خاصة مع استمرار غياب خطة واضحة لإجراء انتخابات منتظمة منذ سنوات.
ويمكن النظر إلى خطوة عباس على أنها إرساء لقواعد الانتقال السلمي للسلطة، مع محاولة تجنب فراغ دستوري محتمل، لكنها في الوقت نفسه تكشف هشاشة الوضع السياسي في الضفة الغربية.
إذ يظهر القرار الحاجة الملحة لقيادة فلسطينية تحظى بالقبول الداخلي والدولي، وقادرة على إدارة مرحلة حساسة قد تشمل إعادة هيكلة المؤسسات، وإعادة التوازن بين الفصائل المختلفة، والتعامل مع تحديات سياسية وأمنية واقتصادية متزايدة.
ويعكس اختيار حسين الشيخ استراتيجية عباس لاحتواء أي فراغ قيادي محتمل، وتهيئة الأرضية أمام إدارة انتقالية مستقرة، لكن هذا لا يغلق الباب أمام احتمالية ظهور منافسين داخليين، خاصة إذا أُفرج عن الأسير مروان البرغوثي، الذي قد يغير المعادلات داخل حركة فتح ويعيد ترتيب الأوراق بشكل مفاجئ، وفق مراقبين.
وفي المحصلة، يمثل تعيين الشيخ خطوة حذرة من عباس لضمان الاستقرار النسبي لفريقه المتنفذ في السلطة الفلسطينية، مع إشراك القوى الدولية في مراقبة المرحلة الانتقالية، لكنه يترك في الوقت نفسه مجالاً واسعًا للتحديات الداخلية المعقدة، مما يجعل المرحلة المقبلة حرجة بالنسبة لمستقبل الحكم الفلسطيني واستقرار مؤسسات السلطة.





