تحليلات واراء

أقنعة فلسطينية بأجندة صهيونية: علي شريم نموذجًا

في وقت يخوض فيه الشعب الفلسطيني في غزة واحدة من أعنف حروب الإبادة التي عرفها تاريخه، تظهر على السطح وجوه فلسطينية مأجورة تعمل على تقويض صمود الجبهة الداخلية من خلال خطاب مشبوه بأجندة صهيونية يروّج لرواية الاحتلال ويشكّك في شرعية المقاومة.

أحد أبرز هذه الوجوه هو الفلسطيني المقيم في بلجيكا علي شريم، الذي برز اسمه في الأشهر الأخيرة كأحد أعضاء “شبكة أفيخاي”، وهي شبكة إعلامية غير رسمية مرتبطة بالمؤسسة العسكرية الإسرائيلية وتعمل على اختراق الوعي الفلسطيني وتشويه الرواية الوطنية من الداخل.

ناشط باسم القضية… لكنه يطعنها

يتخفّى علي شريم وراء صفته كـ”ناشط فلسطيني مستقل”، ويوظف حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة “فيسبوك” و”إكس” (تويتر سابقًا)، لنشر محتوى معادٍ للمقاومة الفلسطينية، وتحميلها مسؤولية الدمار الذي ألحقه الاحتلال بالمدنيين.

وتكمن خطورة نشاطه في أنه لا يتحدث باسم الاحتلال أو من خلفية إسرائيلية، بل يقدم نفسه كصوت فلسطيني ناقد من داخل الشتات، في محاولة لتضليل الرأي العام وبث الشك والانقسام داخل المجتمع الفلسطيني.

وتفيد مصادر إعلامية ومتابعون للنشاط الرقمي في السياق الفلسطيني أن علي شريم يُعد من أبرز الوجوه المدنية المنخرطة في “شبكة أفيخاي”، نسبة إلى أفيخاي أدرعي، الناطق باسم جيش الاحتلال، والتي توسعت في الأشهر الأخيرة لتضم نشطاء عربًا – وفلسطينيين أحيانًا – يقومون بدور “المعارضة الداخلية” الناعمة للمقاومة.

تعمل هذه الشبكة وفق نمط من البروباغندا الرمادية: لا تدافع عن الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر، لكنها تهاجم كل ما يحرجها أو يفضح جرائمها، تحت غطاء “النقد الذاتي الفلسطيني”، وغالبًا ما تربط المقاومة بـ”أجندات خارجية” أو “أوهام النصر”، وتحمّلها مسؤولية الضحايا بدلًا من تحميل الاحتلال مسؤولية القصف والتدمير والتجويع.

نماذج من منشوراته المسيئة لغزة والمقاومة

تشويه صورة المقاومة في عزّ المعركة:

في منشور بتاريخ 18 مارس 2025، كتب علي شريم:

“الناس في غزة تموت تحت الأنقاض، والمقاومة منشغلة ببيانات الانتصار وتعداد عمليات الاشتباك… متى يستفيق تجار الشعارات؟”

في هذا المنشور، يلمّح شريم إلى أن المقاومة تتاجر بدماء المدنيين، وهو خطاب يتطابق مع الدعاية الإسرائيلية الرسمية التي تحمّل حماس والفصائل الأخرى مسؤولية سقوط الضحايا، متجاهلًا أن الاحتلال هو الطرف المعتدي.

إعادة إنتاج خطاب الاحتلال عن “الاختباء بين المدنيين”:

كتب في منشور آخر بتاريخ 5 أبريل 2025:

“من يزرع الأنفاق تحت المدارس لا يحق له أن يتحدث عن الإنسانية.”

هذه العبارة تروّج مباشرة لرواية جيش الاحتلال التي يدّعي فيها استخدام المقاومة للمنشآت المدنية كدروع بشرية، وهو ادعاء رفضته مرارًا تقارير منظمات حقوقية مستقلة، لكنه لا يزال يُستعمل لتبرير القصف على المدارس والمستشفيات.

التحريض على العصيان ضد المقاومة:

في منشور مثير للجدل بتاريخ 2 مايو 2025، كتب:

“لو أن أهل غزة قالوا لا للعبث بأرواحهم، لما تجرأ أحد على المتاجرة بمعاناتهم… الصمت الشعبي هو الخطيئة.”

هنا يدعو شريم بشكل غير مباشر إلى العصيان الشعبي ضد المقاومة، وهو ما يصب في مصلحة الاحتلال الذي يسعى إلى تفكيك الحاضنة الشعبية للمقاومة، خصوصًا في ظل استمرار العدوان.

محاولات الوقيعة بين الضفة وغزة:

في منشور له في أواخر فبراير 2025، علّق على صمت الضفة الغربية بالقول:

“الضفة ليست ملزمة بدفع ثمن مغامرات غزة، لكل جغرافيا أولوياتها.”

وهذا خطاب يعمّق الشرخ الداخلي الفلسطيني، ويكرّس رؤية انفصالية تتناقض مع وحدة الشعب الفلسطيني وقضيته.

الردود على خطاب شريم: رفض واسع واتهامات بالخيانة

واجهت منشورات شريم موجة من الانتقادات من فلسطينيين في الداخل والشتات، واتهمه عدد من النشطاء بـ”العمل ضمن ماكينة دعائية إسرائيلية” تهدف إلى تقويض صمود الشعب الفلسطيني، مستنكرين استخدامه لهجة ظاهرها نقدي وباطنها تحريضي يتماهى مع مصالح الاحتلال.

كما طالبت بعض المجموعات التضامنية في أوروبا بفتح تحقيق في طبيعة علاقاته الإعلامية والجهات التي تموّل نشاطه، خصوصًا في ظل الاشتباه بانخراطه في مشاريع “حوارية” مشبوهة برعاية مؤسسات تطبيعية.

نشاطه في أوروبا: حرية تعبير أم اختراق للوعي؟

يقيم علي شريم في بلجيكا، مستفيدًا من فضاء الحرية في أوروبا لنشر محتوى لا يخضع للمحاسبة المباشرة، لكنه يوظف هذه الحرية للترويج لأفكار تخدم الاحتلال.

كما يُشارك أحيانًا في ندوات افتراضية تنظمها منظمات تُعرف بميولها التطبيعية، ويقدّم نفسه كصوت “واقعي” في مقابل “الراديكالية الفلسطينية” – وهي طريقة أخرى للتهجم على أي شكل من أشكال المقاومة.

وفي ظل الهجمة الشرسة على غزة، لا يكفي أن نفضح مجازر الاحتلال فحسب، بل يجب أيضًا كشف أدواته الناعمة التي تتغلغل في صفوفنا، سواء عبر الإعلام أو عبر ناشطين يدّعون الدفاع عن الشعب الفلسطيني وهم في الحقيقة جزء من منظومة الدعاية الإسرائيلية.

علي شريم هو أحد هؤلاء، وفضحه واجب أخلاقي وسياسي، حتى لا يُسمح لرواية الاحتلال بأن تتسلل بأسماء فلسطينية إلى وجدان شعبنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى