تحليلات واراء

عصابة ياسر أبو شباب.. أداة الاحتلال المأجورة في تصفية المقاومين في غزة

تثبت عصابة ياسر أبو شباب في رفح أنها مثالا صارخا للجوء الاحتلال الإسرائيلي إلى صناعة أدوات محلية مأجورة تُستخدم في التصفية والابتزاز وإشاعة الفوضى وذلك مع انتقالها إلى المربع الأخطر في أنشطتها بالتورط في تصفية المقاومين.

وعلى مدار أشهر برز اسم ياسر أبو شباب كواجهة لواحدة من أخطر العصابات المسلحة التي تعمل تحت حماية جيش الاحتلال قبل أن تكثف نشاطها التخريبي بعمليات تصفية مقاومين بالتنسيق المباشر مع قوات الاحتلال.

وتشير مصادر ميدانية وأمنية إلى أنّ عصابة أبو شباب بدأت مؤخرًا تنفيذ عمليات تصفية ممنهجة ضد مقاومين في رفح ومحيطها، مستفيدة من الغطاء العسكري الإسرائيلي.

ويُفضل جيش الاحتلال الاعتماد على هذه العصابة لتقليل خسائره البشرية، وتجنب وقوع جنوده قتلى أو أسرى في المواجهات المباشرة مع المقاومة، خصوصًا في التوغلات البرية التي غالبًا ما تشهد كمائن محكمة واشتباكات عنيفة.

وتكشف شهادات شهود عيان عن تنفيذ عناصر العصابة كمائن داخل الأحياء الشرقية لرفح، حيث يُستدرج المقاومون ثم يُستهدفون بنيران كثيفة، في الوقت الذي توفر فيه قوات الاحتلال تغطية جوية ورصدًا استخباريًا لتحركاتهم.

عصابة ياسر أبو شباب ويكيبيديا

سبق أن أعلنت المحكمة الثورية في غزة منح أبو شباب مهلة أخيرة لتسليم نفسه، تمهيدًا لمحاكمته بتهم تشمل الخيانة، والتخابر مع الاحتلال، وتشكيل عصابة مسلحة، والعصيان المسلح.

وجاءت هذه الخطوة استنادًا إلى قانون العقوبات الفلسطيني وقانون الإجراءات الثوري، في محاولة لردع التمرد الذي يمثله أبو شباب ومن معه.

كما أصدرت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة في يوليو/تموز 2025 بيانًا اتهمت فيه أبو شباب بالخيانة والتواطؤ المباشر مع الاحتلال في تنفيذ أجندات تهدف إلى تقويض الجبهة الداخلية.

وأكد البيان أن هذه المجموعة تتحرك بإشراف مباشر من جيش الاحتلال، وأن دم أفرادها مهدور، في إشارة واضحة إلى حسم خيار المقاومة في التعامل معهم كأهداف مشروعة.

من هو ياسر أبو شباب ؟

ياسر أبو شباب، المولود في 27 فبراير 1990، ينحدر من قبيلة “الترابين” البدوية ويقيم في رفح. ترك الدراسة في سن مبكرة، ولا يجيد القراءة أو الكتابة.

وقد ارتبط اسمه سابقًا بتجارة المخدرات والسرقة، واعتُقل على يد الأجهزة الأمنية الفلسطينية قبل الحرب، لكنه فرّ من السجن بعد استهداف إسرائيلي لمركز احتجازه في أكتوبر 2023.

بعد فراره، شكّل أبو شباب عصابة ضمّت عناصر هاربة، ونشط في مناطق التماس شرق رفح، مستفيدًا من الحماية الإسرائيلية التي حالت دون استهدافه جويًا. هذه الخلفية الإجرامية تحوّلت مع الوقت إلى أداة وظفها الاحتلال لتغذية الفوضى وإضعاف المقاومة.

ومنذ أشهر ومع تصاعد التوغلات الإسرائيلية في رفح، تصاعد نفوذ عصابة أبو شباب. وقد مارست العصابة أنشطة واسعة النطاق في النهب والسرقة، خاصة للمساعدات الإنسانية الموجهة إلى سكان القطاع، وسط تقارير أممية تشير إلى ضلوعه في عمليات “نهب ممنهجة” للمواد الغذائية. كما مارس رجاله الترهيب بحق المدنيين، مكرسًا نموذج “قوة موازية” تخدم الاحتلال.

وقد أكدت مصادر أمنية أن جهاز “الشاباك” الإسرائيلي هو من أشرف على تسليح العصابة بشكل مباشر، لتتحول إلى أداة ميدانية في خطة إسرائيلية تهدف لتفكيك الجبهة الداخلية الفلسطينية. وتم تزويد المجموعة بأسلحة خفيفة وهجومية، نُفذت بها عمليات إرباك أمني ونشر للفوضى داخل رفح.

ووفق تسريبات صحفية عبرية، فإن دعم عصابة أبو شباب لم يكن مجرد قرار ميداني، بل حظي بموافقة من أعلى المستويات السياسية والعسكرية الإسرائيلية، بما يشمل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب، ورئيس الأركان، ووزير الشؤون الاستراتيجية.

ويعكس هذا الدعم الرسمي توجهًا إسرائيليًا ممنهجًا لتوظيف العصابات المحلية كأدوات قذرة، تتولى المهام الميدانية القذرة بدلًا من الجنود النظاميين.

تداعيات على المشهد الفلسطيني

وجود عصابة أبو شباب يمثل تهديدًا مزدوجًا للفلسطينيين في قطاع غزة. فمن جهة، تسعى هذه العصابة لإضعاف المقاومة عبر التصفية المباشرة لقياداتها الميدانية.

ومن جهة أخرى تعمل على تقويض التماسك الاجتماعي عبر نشر الفوضى والابتزاز والنهب. وهذا ما يجعلها خطراً داخليًا لا يقل عن خطر الاحتلال ذاته.

ويؤكد محللون أن هذه التجربة ليست جديدة، بل تكرار لسياسات الاحتلال في مناطق أخرى، حيث يُصنّع كيانات محلية مسلحة لإحداث انقسام داخلي وتشويه صورة النضال الوطني، بما يخدم استراتيجيته طويلة الأمد في تقويض أي مشروع مقاوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى