النزوح القسري في غزة يتحول إلى مصائد موت للمدنيين

يُهجّر المدنيون الفلسطينيون في قطاع غزة قسريًا من منازلهم وأماكن لجوئهم، ويُستهدفون بشكل مباشر أثناء محاولتهم النزوح، في ظل ظروف تجعل مناطق النزوح غير آمنة كما يروّج لها البعض.
وهذا الوضع يضع المدنيين تحت تهديد مستمر لحياتهم وممتلكاتهم، ويشكل جزءًا من حرب إبادة جماعية تؤدي إلى حرمانهم من مقوّمات الحياة الأساسية مثل المأوى والغذاء والمياه، ما يزيد من معاناتهم اليومية ويجعلهم عالقين في دائرة الخطر المستمر.
النزوح القسري والاستهداف المباشر
ووثّق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان قتل الجيش الإسرائيلي مدنيين فلسطينيين على طرق النزوح القسري في قطاع غزة، ضمن ما وصفه بـ “حرب إبادة جماعية”.
وأوضح المرصد أن “جيش الاحتلال الإسرائيلي يُهجّر المدنيين الفلسطينيين قسرا من منازلهم وأماكن لجوئهم، ثم يعمد إلى استهدافهم بشكل مباشر أثناء النزوح”.
وأضاف أن هذه الممارسة “تكشف نمطا وحشيا وقرارا سياسيا يقوم على تنفيذ إبادة جماعية ضد الفلسطينيين”، موضحًا أن ذلك يتم “عبر الجمع بين القتل واسع النطاق والتهجير القسري وفرض ظروف معيشية لا يمكن البقاء فيها”.
وأشار المرصد إلى أن فريقه الميداني رصد استهداف الطائرات الإسرائيلية لأسرة فلسطينية كانت تستقل مركبة في طريقها للنزوح نحو الجنوب، بناءً على أوامر التهجير القسري.
وأكد أن “الأسرة تعرّضت للقصف المتتابع ثلاث مرات متعمدة”، ووقعت الحادثة بالقرب من مفترق أنصار في مدينة غزة، ما أسفر عن استشهاد خمسة مدنيين، وهم زوجان من عائلة الصوالحي وأبناؤهما الثلاثة.
النزوح القسري ومسارات الموت
وأكد المرصد أن ما يُسمّى بـ “المسارات الآمنة” تتحول في الواقع إلى مصائد موت، مشيرًا إلى أن الهدف الحقيقي من دعاوى النزوح ليس حماية المدنيين، بل استدراجهم واستهدافهم.
وفي هذا السياق، ذكر المرصد أن “في الوقت الذي يدّعي فيه أنّه يطالب سكان غزة بالنزوح ويوفّر لهم “مسارات آمنة”، يواصل شنّ غارات مروّعة على هذه المسارات وفي مناطق اللجوء، ما يحوّلها إلى مصائد موت”.
ونوه المرصد بأن قوات الاحتلال الإسرائيلية “حوّلت مدينة غزة إلى ساحة قتل ودمار، فهي لا تتوقف عن شنّ غارات جوية متواصلة، وتفجير عربات مجنزرة محمّلة بأطنان من المتفجرات”.
وأشار المرصد إلى أن عمليات الجيش الإسرائيلي تمثل سياسة “الأرض المحروقة”، تهدف إلى إجبار مئات آلاف السكان على الإخلاء بالقوة والترهيب، مع تدمير المباني السكنية وتعطيل جهود الاستجابة الإنسانية.
وأوضح أن “الهدف من هذه السياسة هو إجبار مئات آلاف السكان والنازحين في مدينة غزة على الإخلاء بالقوة والترهيب، من خلال ارتكاب مجازر بحق المدنيين على نطاق واسع، والتوسّع في تدمير ما تبقّى من المباني السكنية، وتعطيل جهود الاستجابة الإنسانية بالكامل”.
المجتمع الدولي وإبادة غزة
ودعا المرصد المجتمع الدولي، والأمم المتحدة خصوصًا، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية، بما في ذلك إنشاء قوة لحفظ السلام أو اتخاذ تدابير جماعية لضمان الأمن والصحة العامة.
وأكد المرصد أن “هذا الوضع يفضي إلى حرمان السكان من مقوّمات البقاء الأساسية، ويحوّل رفضهم للتهجير القسري إلى شكل من أشكال الإعدام الجماعي المتعمّد، كما دعا الأمم المتحدة إلى عقد دورة استثنائية طارئة، وتتخذ توصيات جماعية مناسبة، بما في ذلك إنشاء قوة لحفظ السلام، أو اتخاذ تدابير جماعية لصون السلم والأمن الدوليين”.
وأعرب عن ضرورة وقف الجرائم المرتكبة ضد المدنيين، وضمان وصول وتوزيع المساعدات الإنسانية بلا عوائق، وحماية المرافق الصحية والإغاثية، وإنهاء الحصار وإعادة الإعمار.