الاحتلال الإسرائيلي يحرق النازحين أحياء في خيام مواصي خان يونس
قال مرصد حقوقي دولي إن جيش الاحتلال الإسرائيلي أحرق النازحين أحياء في مواصي خانيونس جنوبي قطاع غزة، بعدما قصف مباشرة خيامهم ليقتل 20 فلسطينيًّا غالبيتهم أطفال، ويصيب 18 آخرين بحروق وجروح.
وذكر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن طائرات حربية ومروحية إسرائيلية أطلقت في حوالي الساعة 6:07 مساء أمس الأربعاء عدة صواريخ تجاه خيام النازحين في مواصي خانيونس، المنطقة التي تدّعي إسرائيل أنها منطقة إنسانية آمنة، لتحرق النازحين وهم أحياء في خيامهم البالية، وتقتل مقتل 20 مدنيًّا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، عرف منهم أم وطفلتاها من عائلة شراب، وأصيب 18 آخرون بجروح وحروق مختلفة.
وبين الأورومتوسطي أن تفاصيل عملية القصف تؤشر إلى أن الجيش الإسرائيلي تعمد إيقاع الأذى بصفوف المدنيين، إذا بدأ ما حدث باتصال من الجيش الإسرائيلي يطلب إخلاء جزء من المنطقة المستهدفة، وأثناء عملية الإخلاء أطلق الطيران المروحي الإسرائيلي صاروخًا تجاه النازحين، ثم تكررت الغارات بمساحة 700 متر في المنطقة وأصابت خيام نازحين بشكل مباشر وأدت إلى احتراقهم.
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي أعلن لاحقًا استهدافه قياديًّا من حركة حماس تبين أنه يعمل مسؤولًا محليًّا في جهاز الأمن الداخلي، ما يدلل على أن إسرائيل ماضية في مساعيها لنشر الفوضى والفلتان في القطاع من خلال اغتيال كل منظومة الشرطة والأمن الداخلي.
وشدد على أن اغتيال عنصر أمن داخلي يمثل جريمة في حد ذاته، وهو لا يبرر استخدام القوة النارية المفرطة وعدم وضع اعتبار لحياة المدنيين.
وتابع الفريق الميداني للمرصد الأورومتوسطي مشاهد مروعة لانتشال بقايا جثامين الأطفال المتفحمة والمقطعة، والتي تعبر عن مستوى غير مسبوق من الوحشية الإسرائيلية التي تستخدم قنابل ومقذوفات حارقة في منطقة مكتظة بمئات آلاف النازحين.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن ما حدث ليس حدث معزولًا، بل هو تعبير عن جريمة الإبادة الجماعية الشاملة التي ترتكبها إسرائيل ضد جميع الفلسطينيين في قطاع غزة، واستهدافهم وتدميرهم أينما كانوا، بما في ذلك في “المنطقة الإنسانية” التي تدعي إسرائيل أنها آمنة، واستخدام قوة نارية تدميرية مباشرة هناك تؤدي إلى حرق وقتل أعداد كبيرة من النازحين الذين هجروا قسرًا من منازلهم في كل أرجاء قطاع غزة، ودفعتهم إسرائيل إلى هذه المنطقة لتقصفهم باستمرار.
وذكّر بأنه في 10 سبتمبر/أيلول الماضي، ألقت طائرات حربية إسرائيلية ثلاث قنابل من نوع MK-84 أمريكية الصنع، بعد منتصف الليل، على تجمع لخيام النازحين في منطقة مواصي خان يونس وهم نيام، ما أحدث ثلاث حفر بعمق وقطر عدة أمتار، تسببت بدفن نحو 20 خيمة بالعائلات التي بداخلها.
وأشار إلى أن الحصيلة الأولية للضحايا تجاوزت 60 شخصًا بين قتيل وجريح، مشددًا على أن استخدام هذا النوع من القنابل الأميركية ذات الأثر التدميري الواسع في منطقة مليئة بالخيام والنازحين مؤشر على نية الجيش الإسرائيلي قتل أكبر عدد من المدنيين، علمًا بأنه لم يسبق القصف أي إنذارات إخلاء.
وأكد الأورومتوسطي أن الطائرات الإسرائيلية شنت عشرات الغارات على خيام النازحين في منطقة المواصي وأحرقت وقتلت عشرات الفلسطينيين ودفنت العديد منهم في الرمال، في تكريس لسياسة القتل الجماعي وبأساليب مروعة في إطار جريمة الإبادة الجماعية.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن إسرائيل تحاول تبرير مجازرها بالادعاء بتواجد أفراد من فصائل فلسطينية في المنطقة، مشددًا على أنه لم تثبت صحة هذه الادعاءات في غالب الأحيان.
وأضاف أنه على افتراض وجود أو مرور شخص مستهدف مزعوم من المنطقة، فإن ذلك لا يبرر هذه الجريمة، إذ تشير التحقيقات الميدانية أن إسرائيل تتعمد تنفيذ الغارات في أوقات تجمع المدنيين الفلسطينيين الذين بإمكان كاميرات المراقبة والتصوير في طائراتها مشاهدتهم، وبإمكانها استهداف من تدعي أنهم مستهدفون في أماكن وظروف بعيدًا عن المدنيين، أو باستخدام أسلحة دقيقة أو على الأقل متناسبة، لكنها تتعمد قتل المدنيين وإيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر في الأرواح والإصابات، وتسقط عدة قنابل ذات قدرة تدمير وحرق كبيرين تجاه منطقة تعد من أكثر المناطق اكتظاظًا بالنازحين المدنيين في قطاع غزة.
وشدد على أن إسرائيل تبقى ملزمة باحترام قواعد القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني، وضمان تطبيق جميع مبادئه المتعلقة بالإنسانية والتمييز والضرورة العسكرية والتناسب واتخاذ الاحتياطات الواجبة، هو التزام مطلق يقع على عاتق إسرائيل احترامه وضمان احترامه أثناء تخطيطها وتنفيذها لكل عملية من عملياتها العسكرية، جميعها دون استثناء، ويشمل ذلك اختيار الأسلوب الذي تُنفذ به العمليات العسكرية ونوع الأسلحة المستخدمة، بحيث يؤدي إلى الحد الأدنى من الخسائر والإصابات بين المدنيين.
كما يقع على إسرائيل واجب الامتناع عن تنفيذ أي عمل عسكري إذا كانت الخسائر في الأرواح والإصابات بين المدنيين أعلى من المكسب العسكري، وإلا كانت مرتكبة لجريمة مكتملة الأركان، وتأتي في حالة قطاع غزة كفعل من أفعال جريمة الإبادة الجماعية.
وشدد على أن حالة الصمت والتجاهل التي تمر بها مثل هذه المجازر غير المسبوقة في تاريخ الحروب الحديثة كونها تستهدف المدنيين بشكل صرف ومتكرر، مخزية ويندى لها الجبين، وتشكل ضوءًا أخضر لإسرائيل للاستمرار في ارتكابها ضمن نهج واضح لقتل الفلسطينيين جماعيًّا والقضاء عليهم.
وأكد الأورومتوسطي أن الولايات المتحدة الأميركية شريكة في هذه الجريمة، كونها تزود الجيش الإسرائيلي بالأسلحة والقنابل المدمرة والحارقة رغم علمها باستخدامها في قتل مئات المدنيين في كل مرة، كما تجب مساءلة الأفراد المسؤولين فيها عن القرارات ذات الصلة لتواطؤهم بارتكاب هذه الجرائم.
وبيّن أن تتبع منهجية القتل الإسرائيلية تشير إلى وجود سياسة واضحة ترمي إلى القضاء على المدنيين الفلسطينيين في كل مكان في قطاع غزة، وبث الذعر بينهم، وحرمانهم من الإيواء أو الاستقرار ولو لحظيًّا، ودفعهم للنزوح مرارًا وتكرارًا، وإهلاكهم وإخضاعهم لظروف معيشية قاتلة، مع استمرار القصف على امتداد القطاع واستهداف المناطق المعلنة كمناطق إنسانية، والتركيز على استهداف مراكز الإيواء، بما في ذلك تلك المقامة في مدارس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وجدد الأورومتوسطي مطالبته لجميع الدول بتحمل مسؤولياتها الدولية بوقف جريمة الإبادة الجماعية وكافة الجرائم الخطيرة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، وحماية المدنيين هناك، وضمان امتثال إسرائيل لقواعد القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية، وفرض العقوبات الفعالة عليها.
وضرورة وقف كافة أشكال الدعم والتعاون السياسي والمالي والعسكري المقدمة إليها، بما يشمل التوقف الفوري عن عمليات بيع وتصدير ونقل الأسلحة إليها، بما في ذلك تراخيص التصدير والمساعدات العسكرية، وضمان مساءلتها ومحاسبتها على جرائمها ضد الفلسطينيين.
ودعا أيضًا إلى تنفيذ أوامر القبض التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع في أول فرصة وتسليمهم إلى العدالة الدولية.
كما دعا الأورومتوسطي إلى مساءلة ومحاسبة الدول المتواطئة والشريكة مع إسرائيل في ارتكاب الجرائم، وأهمها الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها من الدول التي تزود إسرائيل بأي من أشكال الدعم أو المساعدة المتصلة بارتكاب هذه الجرائم، بما في ذلك تقديم العون والانخراط في العلاقات التعاقدية في المجالات العسكرية والاستخباراتية والسياسية والقانونية والمالية والإعلامية، وغيرها من المجالات التي تساهم في استمرار هذه الجرائم.