جسور نيوز تروّج للخيانة في غزة مقابل الطعام والماء

عمدت منصة “جسور نيوز”، الممولة إماراتيًا، إلى الترويج المفضوح لنماذج حكم محلية مشبوهة في قطاع غزة، مقابل تقديم الطعام والماء للسكان المحاصرين في خضم حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة منذ عامين.
ويصف ناشطون هذه السلوك من المنصة الإماراتية بأنها ابتزاز غير إنساني وغير أخلاقي يهدف إلى ضرب صمود المجتمع الفلسطيني وتمرير مشاريع تخدم الاحتلال الإسرائيلي.
وتُعتبر منصة “جسور نيوز” واحدة من أبرز أذرع شبكة الدعاية التابعة لأفيخاي أدرعي، المتحدث باسم جيش الاحتلال، والتي تتخصص في بث رسائل تضليلية موجهة للرأي العام الفلسطيني.
وتشير تقارير إلى أن تمويل المنصة يأتي من أبوظبي، في إطار سياسة إماراتية أوسع تستهدف إعادة تشكيل المشهد الفلسطيني بما يخدم تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
جسور نيوز ويكيبيديا
بحسب مراقبين، فإن “جسور نيوز” لا تكتفي بتقديم نفسها كوسيلة إعلامية، بل تلعب دورًا سياسيًا موازياً عبر تسويق قوى محلية مسلّحة مدعومة من الاحتلال على أنها بديل للحكم المركزي في غزة.
وتقوم المنصة – وفق ما رصده الأهالي – بربط تحسن الظروف المعيشية في بعض المناطق الخاضعة لعصابات محلية مثل مجموعة ياسر أبو شباب وحسام الأسطل، بتبني نموذج “الإدارة الذاتية” تحت إشراف مباشر من الاحتلال.
وعرضت المنصة تقريرا مصورا لتوفر المواد الغذائية في منطقة عصابة الأسطل، في وقت تعاني فيه باقي مناطق القطاع من حصار خانق يمنع وصول هذه الأساسيات.
ويؤكد ناشطون أن جميع المنتجات الغذائية والمياه التي عرضتها المنصة الإماراتية مصدرها إسرائيلي، ما يعني أن الأمر لا يتجاوز كونه إعادة توزيع للموارد التي يتحكم فيها الاحتلال، ويُقدَّم ذلك كـ”مكرمة” من العصابات المحلية لتبرير وجودها.
ترويج لنموذج العصابات
تركّز “جسور نيوز” في تقاريرها على إبراز هذه العصابات وكأنها نموذج إداري ناجح يمكن تعميمه على مناطق أخرى في القطاع بهدف الانقلاب على المقاومة الفلسطينية.
وتُصوَّر هذه المجموعات المسلحة على أنها توفر الأمن والخدمات، بينما في الواقع تقوم بفرض السيطرة عبر الترهيب والابتزاز، وتعمل كواجهة لمصالح الاحتلال في ضرب البنية المجتمعية الفلسطينية.
ويصف مراقبون هذا النموذج بأنه “نسخة مصغرة من أنظمة الكانتونات” التي لطالما سعت دولة الاحتلال إلى فرضها في الضفة الغربية، بحيث يتم خلق جزر محلية خاضعة للاحتلال بشكل غير مباشر عبر وسطاء فلسطينيين.
ويثير توقيت هذه الحملة الدعائية الكثير من التساؤلات، إذ تأتي في وقت يشتد فيه الحصار على غزة وعمليات النزوح القسري، ويتفاقم نقص المواد الغذائية والمياه والوقود، ما يجعل من أي إمدادات – مهما كانت محدودة – وسيلة للضغط على السكان.
ويؤكد محللون أن استخدام الاحتياجات الإنسانية كأداة للابتزاز السياسي والإعلامي يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، ويكشف تورط المنصة الممولة إماراتيًا في الترويج لسياسات الاحتلال تحت غطاء “الإغاثة”.
ردود فعل غاضبة
لاقى نشاط “جسور نيوز” موجة واسعة من الانتقادات بين نشطاء فلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين اعتبروا أن المنصة تستغل معاناة الناس وتعرضها كدعاية مجانية للاحتلال.
وقال أحد الصحفيين المستقلين في غزة: “إنها ليست مساعدة إنسانية، بل صفقة خيانة. من يقدّم الطعام والماء مقابل ولاء سياسي لعصابات الاحتلال، يشارك في مشروع تصفية قضيتنا”، مضيفًا أن هذه الممارسات تفضح شراكة إماراتية – إسرائيلية في محاولة إعادة هندسة غزة سياسيًا واجتماعيًا.
وتتوافق سياسات “جسور نيوز” مع خطوات إقليمية تسعى إلى إضعاف الفصائل الفلسطينية المقاومة، عبر الدفع نحو مشاريع “إدارة محلية” أو “حكم ذاتي” يفتح الباب أمام ترتيبات ما بعد الحرب.
وتشير تقارير إلى أن هذه الجهود تأتي ضمن صفقة أوسع تشمل التطبيع العلني مع دولة الاحتلال وتبادل المصالح الأمنية والاقتصادية في المنطقة من بوابة تصفية القضية الفلسطينية.
ويرى خبراء أن ترويج المنصة لنموذج العصابات المحلية ليس إلا مقدمة لتفتيت غزة وتحويلها إلى جيوب متناثرة تخضع لسلطات أمنية موالية للاحتلال.
في الوقت ذاته يحذر مختصون اجتماعيون من أن استمرار هذه الحملات الدعائية سيؤدي إلى انقسام مجتمعي خطير داخل غزة، حيث يتم خلق فوارق بين من يعيشون تحت سيطرة هذه العصابات ويحصلون على الطعام والماء، وبين باقي السكان الذين يعانون من الجوع والعطش.
ويعتبر هؤلاء أن هذا النموذج يزرع بذور الفتنة الداخلية ويحوّل المعاناة الإنسانية إلى أداة لتكريس الاحتلال وتقويض أي مشروع وطني جامع. إذ بينما يواجه السكان أبشع أشكال العقاب الجماعي، تتكشف ملامح خطة قذرة تستبدل الصمود الفلسطيني بصفقات “خبز مقابل خيانة”.