تحليلات واراء

خطاب عباس بالأمم المتحدة يثير جدلًا وانتقادات حادة

أثار خطاب رئيس السلطة محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة موجة جدل واسعة على المستوى السياسي والشعبي، خاصة في ظل استمرار العدوان على قطاع غزة منذ عامين والاعتداءات المتزايدة في الضفة الغربية.

خطاب عباس بالأمم المتحدة

وجاء  خطاب عباس في لحظة دقيقة، حيث توقع كثيرون أن يقدم موقفًا قويًا يدعم حقوق الفلسطينيين ويعكس تضحياتهم الكبيرة، لكن مضامينه ركزت على وصف عمليات المقاومة بأنها “كارثة”، وهو توصيف اعتبره مراقبون مغايرًا للواقع، ومتوافقًا مع الرواية الإسرائيلية، بينما غاب عن الخطاب أي ذكر للوحدة الوطنية أو الدعوة لإنهاء الانقسام السياسي الداخلي.

كما تضمن الخطاب تهنئة إسرائيل برأس السنة العبرية، دون أي إشارة للتعزية بالشهداء الفلسطينيين أو الاعتداءات اليومية في الضفة وغزة، مما أثار موجة انتقادات واسعة ووصف بعض النشطاء الخطاب بأنه “سقوط سياسي وأخلاقي”.

انتقادات حادة لخطاب عباس

علق ياسين عز الدين على خطاب عباس، مؤكدًا أن الرئيس عمل على تفريغ “الاعترافات الأوروبية بدولة فلسطين من أي مضمون فعلي” عبر تقديم مزيد من الولاء لإسرائيل والولايات المتحدة.

وأوضح أن عباس رفض إشراك “حركة حماس أو أي فصيل لا يعترف بحق إسرائيل في الوجود”، وذهب لتهنئة المستوطنين وأدان عمليات المقاومة، بما في ذلك عملية 7 أكتوبر، التي كانت الشرارة التي دفعت الحراك الشعبي في الغرب للضغط على حكوماته والاعتراف بدولة فلسطين.

من جهته، عريب الرنتاوي أوضح أن السلطة الفلسطينية وصلت إلى طريق مسدود، مشيرًا إلى أن التنسيق الأمني المستمر مع الاحتلال وإرضاء الولايات المتحدة وإسرائيل لم يحقق أي تقدم ملموس، وأن الخلاص السياسي يتطلب كلمة واحدة تجمع كل أطياف الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال.

تحذيرات بشأن التنازلات

وأشار القيادي في فتح سميح خلف إلى أن الخطاب تضمن تنازلات مهمة، شملت تحويل رواتب الأسرى والشهداء إلى الشؤون الاجتماعية، ووضع قيود على المشاركة في الانتخابات حسب الاعتراف بإسرائيل، وغياب أي موقف لتعزية الشعب الفلسطيني، مع الالتزام بمبادرات مثل تغيير المناهج التعليمية بما يتوافق مع لغة السلام وحسن الجوار، وهو ما وصفه بعض المراقبين بأنه يهدد تاريخ فلسطين وتعليمها الوطني.

كما تساءل مراقبون حول التناقض بين الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، وغياب سيادة حقيقية، خاصة مع الحديث عن دولة بلا جيش ومنزوعة السلاح، ما يطرح تساؤلات حول شكل الدولة الفلسطينية المستقبلية.

وكشف الخطاب عن استمرار السلطة الفلسطينية في نهج المراهنة على المفاوضات والدعم الدولي، دون تقديم رؤية جديدة لحماية الحقوق الوطنية الفلسطينية، وتجاوزت الانتقادات الجوانب السياسية لتشمل الجوانب الأخلاقية والرمزية للخطاب، ما جعل الرسائل الموجهة داخليًا وخارجيًا محل جدل واسع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى