من هو رائد الصوفي أحد كبار مرتزقة عصابة ياسر أبو شباب؟

في سياق تتبّع مسار الشخصيات المرتبطة بعصابات الارتزاق والعمل المشبوه، يبرز اسم رائد الصوفي كأحد أبرز نماذج العمالة والخيانة، نظراً لمسيرته المليئة بالتجاوزات والفضائح التي انتهت به إلى أن يكون أحد أذرع عصابة ياسر أبو شباب.
الصوفي الذي ينحدر من مدينة رفح جنوب قطاع غزة، لم يعرف في تاريخه سوى الانتقال المتكرر بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية بتوصيات عائلية، قبل أن ينكشف ارتباطه بالمخابرات الإسرائيلية عبر قنوات غير تقليدية.
وقد التحق رائد الصوفي بجهاز البحرية في غزة أواخر التسعينيات، لكن مسيرته لم تدم طويلاً؛ إذ لم يكمل عاماً واحداً حتى تم فصله في عام 1998 بعد ضبطه متورطاً في سرقة معدات تابعة للجهاز.
وفي حينه شكلت هذه الحادثة أولى محطات سقوطه، ورسخت سمعة سيئة عن فساده وانعدام انضباطه العسكري.
رغم فضيحته الأولى، نجح الصوفي في العودة إلى صفوف الأجهزة الأمنية عبر خاله أبو خالد الصوفي، الذي كان يشغل منصباً بارزاً في قسم التنظيم والإدارة.
وبفضل هذا النفوذ، جرى نقله إلى الاستخبارات العسكرية في مدينة أريحا بالضفة الغربية. غير أن وجوده هناك لم يدم طويلاً أيضاً، حيث تورط في قضايا نصب واحتيال أدت إلى اعتقاله وسجنه داخل أريحا.
وبعد الإفراج عنه، تقرر نقله إلى مدينة نابلس، حيث استقر لسنوات وأصبح اسمه مرتبطاً بالعديد من القضايا المثيرة للشبهات.
عصابة ياسر أبو شباب ويكيبيديا
مع اندلاع الانتفاضة الثانية، عاش رائد الصوفي في نابلس حياة اتسمت بالانحراف الأخلاقي والسلوكي. فقد اشتهر بين عناصر الأجهزة والمواطنين بسوء سمعته، حيث تكررت اتهاماته في النصب والاحتيال، فضلاً عن دخوله في علاقات مشبوهة مع النساء، ما أدى إلى اعتقاله عدة مرات من قبل الاستخبارات العسكرية ذاتها.
ومع تفاقم فضائحه، صدر قرار نهائي يقضي بفصله من الجهاز بشكل كامل، على خلفية سلوكياته غير المنضبطة، ألفاظه البذيئة، وعدم التزامه بأي معيار من معايير العمل الأمني.
ورغم ذلك، بقي في نابلس بعد فصله، محاولاً اختراق المشهد بطرق ملتوية، حيث قدم نفسه في شباط/فبراير 2002 على أنه مرافق لوزير الصحة آنذاك رياض الزعنون، في محاولة للحصول على غطاء رسمي يعزز مكانته.
وقد تزايدت الشكوك حول الصوفي في أوساط المقاتلين في البلدة القديمة بنابلس. ومع تراكم الأدلة ضده، قامت كتائب شهداء الأقصى بفتح تحقيق واسع معه.
وخلال جلسات التحقيق، اعترف الصوفي بارتباطه المباشر مع المخابرات الإسرائيلية، وأن قناة هذا الارتباط تمت عبر امرأة من نابلس، كانت تقوم بدور الوسيط لنقل المعلومات.
لاحقاً، تم إعدام المرأة الوسيطة في مدينة قلقيلية بعد إثبات دورها في عمليات التجسس، فيما صدر حكم بالإعدام بحق الصوفي من قبل الكتائب على خلفية عمالته.
لكن ما بدا حُكماً نهائياً لم يكتمل، إذ تدخلت الاستخبارات العسكرية لحماية سمعتها ومنع فضيحة أكبر في صفوفها. فقد تعهدت بنقله وترحيله إلى غزة، مقابل إسقاط قرار الإعدام الصادر بحقه من الكتائب. وبالفعل، تم إطلاق سراحه في صفقة داخلية، لتُطوى القضية في ذلك الوقت دون تنفيذ العقوبة.
وبالمجمل فإن قصة رائد الصوفي تكشف بوضوح حجم الاختراقات والانحرافات داخل الأجهزة الأمنية الفلسطينية في فترات حساسة، وتوضح كيف أن النفوذ العائلي والشللية السياسية سمحت لشخص متورط في النصب والاحتيال وحتى العمالة بالعودة مراراً إلى مواقع حساسة.
اليوم، يُشار إلى الصوفي كأحد أبرز مرتزقة عصابة ياسر أبو شباب، مستفيداً من تاريخه المظلم في استغلال النفوذ، وخبراته في الالتفاف على القرارات الرسمية، ليجد لنفسه مكاناً وسط شبكات الارتزاق والتحالفات المشبوهة.
ويظهر ذلك أن سيرة هذا الرجل لا تعكس فقط شخصية فردية مثيرة للجدل، بل تجسد نموذجاً لانحراف البنية الأمنية الفلسطينية حين تُترك بغير محاسبة أو رقابة، وحين تتحول الوظائف إلى وسيلة للابتزاز والارتزاق بدلاً من حماية الوطن وخدمة قضيته.