تحليلات واراء

أدلة متراكمة على دور إماراتي في دعم ظاهرة عصابة ياسر أبو شباب في غزة

تتواصل الأدلة الميدانية والإعلامية لكشف الدور الإماراتي الواضح، سواء في العلن أو الخفاء، في دعم ظاهرة عصابة ياسر أبو شباب الانفصالية، أو كما يصفها معظم الفلسطينيين، الخيانية، في قطاع غزة.

وعلى مدى الأيام والأسابيع الماضية، تراكمت المؤشرات التي توضح أن أبوظبي تعمل على تعزيز هذه الظاهرة ضمن مشروع سياسي واسع يهدف إلى استهداف المجتمعات الفلسطينية المقاومة وتعقيد المشهد الوطني.

إذ تظهر استراتيجية الإمارات بوضوح أنها تعتمد على الانخراط في البيئات الانفصالية داخل المجتمعات العربية.

فمشروع أبوظبي السياسي يقوم على ضرب المجتمعات التي تتسامح مع وجود جماعات إسلامية، ليس لمحاربتها فقط، بل لاستئصالها بالكامل.

ومن هذا المنطلق، لا تتعامل الإمارات مع المقاومة الفلسطينية بوصفها حركة تحرر وطني، بل تصنفها ضمن الإطار الديني والسياسي للإخوان المسلمين.

وقد صرح دبلوماسي إماراتي في مؤتمر دولي قبل أيام قليلة بأن المقاومة الفلسطينية تُشكل تهديداً للأمن القومي الإماراتي، ما يعكس توجه الدولة الخليجيّة نحو عزل وتهميش أي قوة فلسطينية مقاومة تُعتبر متأثرة بالخطاب الإسلامي السياسي.

عصابة ياسر أبو شباب ويكيبيديا

يبرز الناشط علي أبو رزق تراكم الأدلة الميدانية على التدخل الإماراتي في دعم عصابة ياسر أبو شباب. ففي الأشهر الأخيرة، ظهرت فيديوهات لعناصر العصابة وهم يركبون جيبات تحمل لوحات إماراتية.

وهذه المشاهد لم تكن مجرد لقطات عابرة، بل تشير إلى نوع من الدعم اللوجستي أو الرمزي المباشر، يعزز من حضور هذه الظاهرة على الأرض.

بموازاة ذلك تعلب وسائل الإعلام وحملات العلاقات العامة على مواقع التواصل الاجتماعي دورًا مركزيًا في مشروع الدعاية الإماراتي لعصابة ياسر أبو شباب.

فقد شغلت عشرات الحسابات المحسوبة على الإمارات حملة واسعة لإعادة تعريف ياسر أبو شباب في المجال العام، محاولين تصويره كشخصية شعبية، وليس كخائن أو مارق كما تصفه غالبية الفلسطينيين.

وهذه الحملات لم تقتصر على التواصل الرقمي، بل امتدت إلى ما يُعرف باللوبي السياسي في الولايات المتحدة، حيث قامت منظمة ضغط قريبة من الإمارات بدفع صحف كبرى مثل “نيويورك تايمز” و”صنداي تايمز” لنشر مقابلات ومقالات تظهر ياسر أبو شباب في صورة إيجابية، وهو ما يعكس مستوى التمويل والتخطيط لهذه الحملة الإعلامية.

واستمرارية هذه الحملات في الأيام الأخيرة تؤكد استراتيجية الإمارات في دعم الظاهرة عبر أدوات متعددة. فقد نشرت منصة جسور نيوز الممولة إماراتيا فيديو ترويجي يظهر فيه أطفال فلسطينيون ضمن ما يشبه مركزًا تعليميًا، وظهرت زوجة ياسر أبو شباب فيه وكأنها تمثل النظام التعليمي في المنطقة، ما يعزز من خطاب “المشروعية الشعبية” لهذه الظاهرة.

كما كشفت تقارير صحفية أمريكية وإسرائيلية عن وجود خلاف بين الإمارات ومصر حول الموقف الرسمي من المفاوضات الأخيرة، والداعي لاستيعاب المقاومة الفلسطينية في اليوم التالي للحرب.

ويشير هذا إلى أن السياسة الإماراتية تجاه غزة لا تتعلق فقط بدعم شخصية محددة، بل بفرض نفوذ أوسع على المشهد الفلسطيني، مع محاولة إدخال عناصر جديدة في الحوار الإقليمي، وربطها باستراتيجيات التحالفات العربية والدولية.

بالمجمل، يظهر أن الإمارات لا تكتفي بدعم ياسر أبو شباب إعلاميًا فقط، بل تسعى إلى إنشاء مشروع متكامل: دعم لوجستي، تغطية إعلامية واسعة، تعبئة لوبيات خارجية، واستثمار الملفات التعليمية والاجتماعية لتعزيز صورتها في القطاع.

وهذه الديناميكية ليست جديدة في السياسة الإماراتية، لكنها تتجلى اليوم بوضوح في غزة، حيث يحاول المشروع الإماراتي استثمار الأزمات والصراعات الداخلية الفلسطينية لتعزيز ظواهر انفصالية تصب في المصلحة الإقليمية لدولة الإمارات.

ويؤكد مراقبون أن ظاهرة عصابة ياسر أبو شباب ليست مجرد قضية فردية، بل نموذجًا صارخًا لكيفية استخدام دولة إقليمية أدوات متعددة – سياسية، إعلامية، ولوجستية – لتغيير الواقع الفلسطيني، بما يتوافق مع مصالحها الاستراتيجية ويشكل تهديدًا مباشرًا للمشروع الوطني الفلسطيني الموحد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى