معالجات اخبارية

محمد التلولي وسقوطه الأخلاقي.. أداة مشبوهة في خدمة خطاب نتنياهو

تحوّل محمد التلولي خلال الأشهر الماضية إلى واحد من أكثر الأسماء إثارة للجدل، بعدما حول صفحته على فيسبوك إلى منصة تدعو بشكل مباشر لهجرة شباب غزة و“البدء من جديد خارج القطاع”.

خطابٌ أثار موجة غضب واسعة، إذ اعتبره كثيرون جزءًا من محاولات تفريغ غزة من سكانها، خصوصًا أنه يتقاطع بشكل واضح مع خطاب بنيامين نتنياهو الذي يروّج منذ سنوات لفكرة “الهجرة الطوعية” باعتبارها أحد السيناريوهات التي تخدم المشروع الإسرائيلي.

ورغم الانتقادات العاصفة، واصل التلولي إعادة نشر المحتوى الذي يحث فيه الشباب على مغادرة غزة، ما جعل صفحته ساحة اشتباك مفتوح، امتلأت باتهامات له بأنه يردد حرفيًا خطاب الحكومة الإسرائيلية ويمهّد لروايتها سياسيًا وإعلاميًا.

محمد التلولي والبرلمان الأوروبي

وانفجرت الفضيحة عندما ظهر محمد التلولي داخل البرلمان الأوروبي إلى جانب الباحث الإسرائيلي روني شاكيد، المعروف بدوره في ترويج الرواية الصهيونية في الإعلام الغربي.

ولم يكتفِ التلولي بالجلوس إلى جانبه، بل ظهر وهو يرتدي شعار التضامن مع الأسرى الإسرائيليين، في تجاهل كامل لآلاف المعتقلين الفلسطينيين الذين يعانون التعذيب والإذلال والاعتداءات اليومية.

وخلال الجلسة، قدّم التلولي شهادات تحريضية ضد وكالة الأونروا ووزارة التربية والتعليم الفلسطينية، ملقياً اتهامات تتطابق مع الخطاب الإسرائيلي الذي يسعى لتجريم المناهج الفلسطينية ووقف تمويل المنظمة الدولية.

وما فعله لم يكن مجرد موقف سياسي، بل خيانة علنية تُقدّم على طبق من ذهب للدعاية الإسرائيلية داخل أهم قاعات السياسة الأوروبية.

شبكة افيخاي

ولم يكن محمد التلولي شخصية مجهولة، فقد عرفه الجمهور سابقًا كأحد الوجوه البارزة في حراك “بدنا نعيش” عام 2019، وهو الحراك الذي وُجهت له لاحقًا اتهامات بالاختراق والتوظيف السياسي من جهات خارجية.

وخلال السنوات الأخيرة، حصل التلولي على دعم وترويج من دوائر إعلامية وسياسية مرتبطة بشبكة “أفيخاي”، الشبكة التي تعمل على احتضان شخصيات فلسطينية لترويج الرواية الإسرائيلية تحت غطاء “الواقعية” و”الاعتدال”.

ولكن بعد فضيحة ظهوره في البرلمان الأوروبي، سارعت هذه الشبكات إلى التبرؤ منه، في اعتراف ضمني بأن دوره لم يعد قابلًا للتسويق أمام الشارع الفلسطيني الذي كشف خطورته وشكك في خلفيته منذ البداية.

من هو محمد التلولي؟

وما أثار صدمة المجتمع الفلسطيني ليس فقط خطابه السياسي، بل التناقض المروّع في مسيرته الشخصية فالتلولي فقد والده في بداية العدوان عندما قصف الاحتلال منزله، كما قُتلت شقيقته المسعفة في جباليا أثناء قيامها بعملها الإنساني.

ورغم ذلك، اختار محمد التلولي الوقوف إلى جانب الرواية الإسرائيلية، مهاجمًا المناهج الفلسطينية وواصفًا إياها بأنها “مفرخة للإرهاب”، في انسجام كامل مع الخطاب الإسرائيلي الذي يسعى لتشويه الهوية الوطنية.

ومع انتشار صوره وتصريحاته من البرلمان الأوروبي، إلى جانب منشوراته على فيسبوك، انفجرت منصات التواصل بانتقادات غير مسبوقة، حيث اتفق الغاضبون على أن التلولي سقط سياسيًا وأخلاقيًا، وباع دم عائلته، وتبنّى لغة نتنياهو بالكامل، وأصبح أداة دعائية واضحة للاحتلال.

وتحوّل المشهد إلى ضربة موجعة أيضًا لشبكة “أفيخاي” التي بدت في موقف محرج بعدما كانت تقدم التلولي كصوت “واعي” و“مختلف”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى