إصلاح السلطة.. كذبة دولية لتصفية الحقوق وإنهاء القضية الفلسطينية

في الوقت الذي تطرح فيه شعارات إصلاح السلطة الفلسطينية على طاولات النقاش، يتزايد القلق من تحول هذا المسار إلى أداة وظيفية لإدارة الأزمة وربما لتصفية المشروع الوطني بغطاء التحديث والشرعية.
ورغم ما تحمله دعوات الإصلاح من شعارات براقة حول الشفافية والكفاءة وبناء المؤسسات، يتجاهل الخطاب السائد الجوهر السياسي للقضية الفلسطينية ويقفز فوق الأسئلة المصيرية المتعلقة بالتحرر وتقرير المصير.
المحلل السياسي محمد أبو رمان يقول إن الاعترافات الدولية الأخيرة بالدولة الفلسطينية تحمل قيمة معنوية ورمزية، لكنها بلا وزن حقيقي مع غياب شريك إسرائيلي يعترف فعليًا بهذا الحق واستمرار اختلال ميزان القوى.
ويرى أبو رمان في تصريح أن خطاب إصلاح السلطة يستخدم للهروب من السؤال الجوهري: هل ما زال مشروع التسوية قائمًا؟.
ويؤكد أن ما يجري حاليًا هو إدارة انهيار المشروع وليش إنقاذه، خاصة بعد صعود تيارات إسرائيلية ترفض أصلًا فكرة الدولة الفلسطينية.
وباتت السلطة والحديث لأبو رمان كيانًا مكشوفًا استراتيجيًا بلا مظلة حقيقية ولا أدوات ردع، بينما يتحول “حل الدولتين” إلى ما يشبه “جثة في الغرفة” يعترف الجميع بموته، لكنهم يتجنبون إعلان الوفاة رسميًا.
الكاتب والمحلل السياسي بهاء رحال يشاركه الرأي بأن اشتراط “إصلاح السلطة” بات أداة لتحقيق منطق الوصاية الدولية وتصفية الجوهر الوطني وليس هدفه بناء مؤسسات ذات سيادة.
ويوضح أن قرار مجلس الأمن 2803 مثال واضح على هذه السياسة، إذ جاء كثيفًا في بنوده فارغًا في مضمونه متجنبًا تسمية الجاني أو فرض أي عقوبات ومتلاعبًا بجغرافيا غزة وفق التقسيمات التي فرضها الاحتلال.
ويؤكد رحال أن المنظومة الدولية تكرس واقع “إدارة الأزمة” وتمرر اشتراطات ظاهرها إصلاح مؤسساتي.
لكن باطنها يتماهى مع سياسة إسرائيلية طويلة الأمد تهدف لتحييد المؤسسات الفلسطينية عن مشروع التحرر الوطني.
ومع استمرار التفرد والإقصاء الذي تمارسه السلطة الفلسطينية وحركة فتح منذ عقود وتغييبهما للتوافق الوطني، يبقى شعار “الإصلاح” عرضة للتوظيف سواء من أطراف دولية أو من السلطة نفسها.





