مرتزقة الاحتلال يستثمرون كارثة غزة لشيطنة المقاومة وتلميع التطبيع

بينما تغرق خيام النازحين في غزة تحت الأمطار، وتبحث العائلات عن مأوى يقي أطفالها البرد والجوع، يظهر على الشاشات مشهد آخر لا يقل قذارة ممثلا بأدوات إعلامية عربية وإسرائيلية مشتركة تعمل ليل نهار لاستغلال كارثة القطاع الإنسانية للتحريض على المقاومة وتبرير جرائم الاحتلال وتبييض خذلان الأنظمة العربية.
في مقدمة هذه الأدوات تبرز منصة “جسور نيوز” الممولة إماراتيًا، التي تحولت إلى غرفة عمليات دعائية تمسك بخيوطها جهات مرتبطة بشكل مباشر بأجندات التطبيع.
إذ تروج جسور نيوز لمقاطع عن غرق خيام النازحين، لكنها لا تفعل ذلك لنقل الألم الفلسطيني أو فضح حصار الاحتلال، بل لتسويق رواية تقول إن “حماس تترك المدنيين لمصيرهم”، وكأن من قصف البيوت وهدم الشوارع ومنع دخول مواد الإغاثة هو المقاومة وليس الاحتلال.
ويبرز مراقبون أن الجريمة الأخلاقية والسياسية الأشد فجاجة هنا ليست في عرض المشاهد الإنسانية، بل في سرقة الألم الفلسطيني وتحويله إلى سلاح ضد الفلسطينيين أنفسهم، وتلفيق سرديات تخدم الاحتلال وتهاجم من يقاومه.
ولا تأتي جسور نيوز وحدها في هذا المسار؛ فهناك مرتزقة شبكة أفيخاي الذين يعملون كأذرع دعائية إسرائيلية في المنطقة، يعيدون تدوير نفس الرسائل بتحميل المقاومة مسؤولية ما فعله الاحتلال، وتحويل معاناة غزة إلى منصة ابتزاز سياسي، ومحاولة دق إسفين بين الفلسطينيين ومقاومتهم.
شبكة افيخاي ويكيبيديا
يشير المراقبون إلى أن هذه الحملات ليست ردود فعل عشوائية ولا مبادرات إعلامية مستقلة. إنها جزء من هندسة دعائية مخططة، تقوم على ثلاث ركائز:
شيطنة المقاومة وتصويرها كعبء على السكان، لتمهيد الطريق أمام مشاريع «غزة منزوعة السلاح» التي تسعى دولة الاحتلال لفرضها.
تبييض التطبيع وإظهار تل أبيب كشريك يمكن التعامل معه، بينما المقاومة «غير مسؤولة»، على حد زعمهم.
تبرئة الأنظمة العربية التي لم تقدم سوى البيانات الخجولة بينما تُقصف غزة وتُدفن أحياؤها تحت الأنقاض.
ويرى المراقبون أن ما تمارسه هذه المنصات أشبه بعملية غسل دماغ سياسي، هدفه النهائي تفكيك الروح الجماعية التي صنعت صمود غزة لعقود، وتوجيه الغضب الشعبي الفلسطيني نحو المقاومة بدل الاحتلال.
وتتجاهل هذه المنصات العميلة حقيقة أن خيام النازحين في غزة تغرق لأن آلاف المنازل سُويت بالأرض وأن الاحتلال الإسرائيلي دمّر البنى التحتية في وقت يفتقر النازحون للغذاء والماء لأن المعابر مغلقة.
ولا يجرؤ أي من جسور نيوز وشبكة أفيخاي على قول إن السبب الحقيقي للمأساة هو الاحتلال الذي يواصل تشديد حصار غزة ويمنع كل أشكال الإغاثة لأهلها رغم اتفاق وقف إطلاق النار المعلن بوساطة أمريكية وعربية.
والمضحك المبكي أن هذه المنصات تعمل بمنهج واحد هو إلقاء اللوم على الضحية والتستر على الجلاد، وهو بالضبط الدور الذي لعبه إعلام الأنظمة العربية المتحالفة مع دولة الاحتلال في السنوات الأخيرة.
تبييض الخذلان العربي.. جريمة موازية
عندما تُستغل الكارثة الإنسانية في غزة للتحريض على المقاومة، فإن الهدف الأكبر ليس فقط ضرب المقاومة، بل أيضًا تبرئة الأنظمة العربية التي تركت غزة وحيدة.
وتريد هذه الأنظمة ومنها من يمول منصات كالتي تقف خلف جسور نيوز، إقناع الجمهور العربي بأن المشكلة ليست الاحتلال ولا الصمت الدولي، بل “حكومة غزة”، وأن مسؤولية الحل تقع على عاتق الفلسطينيين وحدهم وليس على من يملكون النفوذ والقدرة والمال.
وإن تبييض هذا الخذلان يمثل جريمة بحق الفلسطينيين، لأنه يعطي الضوء الأخضر لاستمرار الحصار، ويمد الاحتلال برسالة مفادها: “افعل ما تشاء، نحن سنُحمِّل الضحية المسؤولية”.
وعليه تسعى هذه الشبكات الإعلامية العميلة للاحتلال إلى خلق فجوة بين الشعب والمقاومة وصناعة صورة ذهنية مزيفة مفادها أن الفلسطينيين وحدهم السبب في مأساتهم فضلا عن دعم رؤية دولة الاحتلال بأن غزة لا تستحق حركة مقاومة بل سلطة منزوعة الإرادة.
ويؤكد ذلك أن كل ما تقدمه جسور نيوز وشبكة أفيخاي ومن يسير في خطهما ليس إعلامًا، بل خيانة مكتملة الأركان ومحاولات يائسة لطمس حقيقة ثابتة يعرفها كل فلسطيني وكل عربي حر بأن الاحتلال هو السبب الأول والأخير للمأساة، وأن المقاومة رغم كل التحديات هي الدرع الوحيد الذي يحفظ كرامة شعب محاصر.






