العمل النقابي الطلابي في الضفة هدف دائم لأمن السلطة خدمة للاحتلال

في استمرار واضح لسياسة القمع السياسي، تؤكد اعتقالات أجهزة السلطة الفلسطينية الأخيرة أن العمل النقابي الطلابي في الضفة الغربية أصبح هدفًا مباشرًا لأجهزة الأمن، ليس فقط لمراقبة النشاط السياسي، بل كأداة لتثبيت الأمن الداخلي بما يخدم مصالح الاحتلال الإسرائيلي.
فقد كشف رئيس مجموعة “محامون من أجل العدالة”، المحامي مهند كراجة، عن اعتقال 9 ناشطين سياسيين خلال اليومين الماضيين، بينهم عدد من طلاب جامعة بيرزيت، على خلفية انتماءاتهم السياسية ونشاطهم النقابي.
وجاءت هذه الاعتقالات في سياق مستمر منذ سنوات، يهدف إلى تقييد حرية التعبير والحراك الطلابي، وتوجيه رسالة مفادها أن أي نشاط سياسي مستقل خارج سلطة السلطة يعتبر تهديدًا يجب مواجهته بالقمع.
السلطة الفلسطينية ويكيبيديا
وفقًا لتوثيق كراجة، فإن سبع حالات من الاعتقالات تم تمديدها لمدة 48 ساعة دون تقديم أي أدلة تثبت تورط الموقوفين في جرائم، ما يعكس “نهج تستخدمه السلطة والأجهزة الأمنية ضد النشطاء السياسيين، أو من كان معروفًا عنهم نشاطهم السياسي في سنوات سابقة”.
ويؤكد هذا النمط أن الأهداف الحقيقية لهذه الاعتقالات ليست قانونية، بل أمنية وسياسية، تهدف إلى تقويض أي شكل من أشكال المقاومة المدنية أو التعبير النقابي الطلابي، بما يتماشى مع الأجندات الإسرائيلية التي تسعى لتفريغ الضفة من أي فاعلية شعبية أو تنظيمية قادرة على تحدي الاحتلال.
من جانبها، رصدت لجنة أهالي المعتقلين السياسيين تصاعد حملات الاعتقال السياسي في الضفة الغربية، مستهدفة النشطاء، الأسرى المحررين، وأحيانًا أقرباءهم.
الاعتقالات السياسية في الضفة الغربية
تمثل هذه السياسات انتهاكًا صارخًا لحرية الرأي والتعبير المكفولة بالقانون الفلسطيني والاتفاقيات الدولية، إذ تحول الاعتقال التعسفي إلى أداة للترهيب والإجبار على الصمت، بدل أن تكون السلطة الفلسطينية مسؤولة عن حماية حقوق مواطنيها.
وقد أكدت اللجنة أن هذه الممارسات لا تخدم سوى الأجندات المعاكسة لمصالح الشعب الفلسطيني ونضاله الوطني، وأنها تمثل اعتداءً على المجتمع بأكمله.
وتوضح أمثلة الاعتقالات الأخيرة حجم الانتهاك واستهداف القوى الوطنية: في بلدة أبو شخيدم بمحافظة رام الله، تم اعتقال خمسة شبان، بينهم ثلاثة طلاب من جامعة بيرزيت، وهم: عيسى شلالدة، أدهم الخطيب، وسمير أيمن قنداح، إلى جانب اثنين آخرين من أبناء البلدة.
وفي جنين، اعتقلت الأجهزة الأسير المحرر هاني بركات والد الشهيد أحمد بركات بعد إصابته بشظايا، رغم كونه قضى عامين في سجون الاحتلال، وهو دليل آخر على أن السلطة تعامل الأسرى المحررين والمواطنين الذين لديهم تاريخ نضالي كتهديد أمني.
كما شملت الاعتقالات رام الله وبلدة طمون في طوباس، حيث تم اختطاف النشطاء بأساليب مدنية ومركبات غير رسمية، ما يعكس منهجية ممنهجة في تضييق الحرية وتحويل النشاط السياسي إلى جريمة.
وتشير هذه الاعتقالات إلى أن الأجهزة الأمنية في الضفة تعمل كأداة تنفيذية للاحتلال، فهي تكبح أي نشاط قد يزعزع الاستقرار السياسي الداخلي، وتخدم الاحتلال بشكل مباشر عبر قمع الحراك الطلابي والنقابي.
فالطلاب، كقوة فاعلة في المجتمع الفلسطيني، يمثلون معقلًا للمقاومة المدنية والتعبير الوطني، واستهدافهم يعني محاولة لإفراغ المؤسسات التعليمية من أي نشاط سياسي مستقل، بما يخلق بيئة خالية من أي صوت معارض للسياسات الإسرائيلية.
التنسيق الأمني المقدس
أكدت منظمات حقوقية مرارا أن هذه الإجراءات تمثل انتهاكًا واضحًا لحقوق الإنسان، وأن استمرارها يفاقم الأزمة السياسية والاجتماعية في الضفة، ويزيد شعور الفلسطينيين بالغبن والخذلان من قبل من يفترض أنهم حماة حقوقهم الوطنية.
فبدلاً من الدفاع عن المجتمع الفلسطيني ضد الاحتلال، تعمل السلطة على فرض قيود على الحريات الأساسية، ما يعكس صراعًا داخليًا يخدم الاحتلال ويضعف أي قدرة وطنية على المقاومة الشعبية.
وفي ضوء هذه الانتهاكات، يبرز جليًا أن العمل النقابي الطلابي ليس مجرد نشاط إداري أو أكاديمي، بل هدف دائم لأمن السلطة الذي يعمل في النهاية كامتداد لأجندات الاحتلال.
ومن هنا، يصبح الدفاع عن الحريات النقابية وحقوق الطلاب في الجامعات الفلسطينية جزءًا لا يتجزأ من المقاومة الوطنية، ومؤشرًا على صحة المجتمع المدني وقدرته على مواجهة الاحتلال بكافة أشكاله.
وبالمحصلة فإن استمرار السلطة في استهداف الطلاب والنشطاء السياسيين، واستخدام الاعتقال التعسفي كأداة، يكشف عن دور السلطة كقوة خادمة لمصالح الاحتلال، على حساب مستقبل الشباب الفلسطيني وحرية التعبير داخل الجامعات والمجتمع ككل.





