تحليلات واراء

عصابات الاحتلال في غزة: الوجه الأكثر انحطاطاً للاحتلال وأرخص أدواته

لا يحتاج من ينتسبون إلى عصابات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة إلى كثير من الجهد لكشف حقيقتهم؛ فخطاباتهم المعلّبة عن “الوطنية” و”الشرف” تتهاوى عند أول احتكاك مع الواقع، وتنكشف هشاشتها أمام جرائمهم اليومية بحق أبناء شعبهم.

هؤلاء الذين يتشدّقون بالشرف لا يعرفون من الشرف إلا اسمه، ويتغنون بالوطنية وهم لا يرون في الوطن سوى سوق لتقديم خدمات رخيصة للاحتلال، وتحصيل فتات لا يكفي لستر عارهم.

وقد عمد جيش الاحتلال في خضم حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة التي استمرت لأكثر من عامين، إلى تأسيس هذه العصابات المسلحة بهدف إغراق القطاع بالفوضى وزيادة الضغط على فصائل المقاومة وحاضنتها الشعبية.

وقد جاء الاختطاف الذي حدث قبل أيام لثلاثة شبان في بيت لاهيا في سياق نمط منهجي قذر تتبناه هذه العصابات بما يشمل استدراج، خطف، تحقيق بدائي مليء بالوحشية، وضرب مبرح يكشف غريزتهم الهمجية، ثم إطلاق الرصاص على الشباب العزّل وإلقاؤهم في العراء كأنهم لا ينتمون إلى شعب، ولا إلى أرض، ولا إلى كرامة بشرية.

وتفضح هذه الجريمة المروعة تماماً الدور الحقيقي لهذه العصابات المسلحة وأنها ليست أكثر من أذرع قذرة للاحتلال، تنجز ما يتردد الاحتلال نفسه أحياناً عن تنفيذه مباشرة.

العصابات المسلحة في غزة

تتسع قائمة جرائم العصابات المسلحة لتشمل اعتقال الحكيمة تسنيم الهمص وعشرات العمليات المشابهة، في صفحات متتالية من القمع والخيانة التي لا يمكن أن تُفسَّر إلا بوصف واحد هو حدة الانحطاط الأخلاقي الكامل.

فهؤلاء ليسوا طلاب سلطة ولا باحثين عن نفوذ بقدر ما إنهم ذيول للاحتلال، وأدوات يُستخدم بعضها للتعقب وبعضها للتنفيذ، ثم يُرمى جميعهم في نهايات تُشبه بداياتهم بالعار، والنبذ الاجتماعي الذي لا شفاء منه.

إنهم يطلقون – كل يوم – رصاصة اللعنة الأخيرة على رؤوسهم، وهم لا يدركون أنهم بذلك يصنعون نهايتهم بأيديهم. فالمجتمع الفلسطيني، رغم جراحه، يعرف كيف يميّز بين من يقاتل من أجل بقائه، ومن يقاتل من أجل كسبٍ ملوّث برائحة الخيانة.

وهؤلاء، بكل وضوح، خارج النسيج الوطني والاجتماعي، موقعهم الطبيعي خارج الصف وخارج التاريخ، ولا يمكن بحال من الأحوال أن يكون لهم موطئ قدم بين أبناء شعب يقدّر الدم والكرامة أكثر من أي شيء آخر.

من هم أفراد العصابات المسلحة في غزة؟

أصبح مؤكدا أن الاحتلال جمع بالفعل أسافل القوم حوله من تجار مخدرات، وأصحاب سجلات سوداء في الاعتداء على الشرف، متورطون في القتل والحرابة، وكل من لفظه المجتمع بسبب سلوكياته الإجرامية.

الاحتلال لم يبحث عن “شركاء”؛ بحث عن أدوات، عن أناس فقدوا كل معنى للقيم، يسهل استغلالهم، ويمكن توجيههم إلى أي عمل مقابل وعد جوفاء أو مبلغ تافه.

واللافت أن هذا الخليط المتهالك تحاول سلطات الاحتلال تقديمه كـ”ظاهرة رديفة”، لكنها تعلم قبل غيرها أن هذه الظاهرة لا تمتلك جذوراً ولا قاعدة ولا مبرراً سوى سقوطها الأخلاقي.

ويدرك العملاء أنهم مجرد أدوات، ويدرك الشعب أنهم مجرد ظلال قذرة للاحتلال. أما دولة الاحتلال فتعرف جيداً أنها لا توظف “فاعلين محلّيين”، بل تجمع في كيس واحد بقايا مجتمع لفظهم، وتحاول نفخ الروح في أوهامهم ليظهروا كأنهم قوة قائمة.

لكن الحقيقة تبقى صارخة وهي أن هؤلاء أحقر وأدنى من أن يكونوا يوماً مداساً لأقدام أبناء شعبهم، ولن تكون لهم في مستقبل غزة إلا صفحة سوداء في سجل الخيانات التي سرعان ما تُطوى مع انهيار أصحابها.

في النهاية، ما يجري ليس صراعاً بين أطراف سياسية، بل بين شعب يدافع عن وجوده، وعصابات وظيفتها إطالة أمد جريمة الاحتلال، وخيانة هؤلاء ليست حدثاً، بل مشروعاً فاشلاً، لن يمنح الاحتلال قوة، ولن يمنح العملاء مكاناً بل ستبقى في قاع العار حيث تنتهي كل خيانة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى