عباس يدافع عن “تمكين” ويصرّ على قطع رواتب الأسرى

في خطوة وُصفت بأنها محاولة لاحتواء حالة الغضب المتصاعدة ووأد أي حراك شعبي آخذ بالاتساع، أعاد رئيس السلطة محمود عباس التأكيد على “الوفاء لتضحيات الشهداء والأسرى”، مقرونًا برفض ما وصفه بـ“التحريض والإساءة للمؤسسات الوطنية”، وذلك دون الإعلان عن أي خطوات عملية تعيد الاعتبار الفعلي لهذه الفئات أو تعالج جوهر الأزمة القائمة.
وشدد عباس على أن إصدار القرارات بقانون يتم وفق الصلاحيات الدستورية وبما يخدم المصلحة الوطنية، معلنًا في الوقت ذاته المضي في برنامج “إصلاحي” شامل لتعزيز سيادة القانون، وتحديث القوانين، وتطوير منظومة الحماية الاجتماعية والتعليم، تحت عناوين الحفاظ على الوحدة الوطنية وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني، في ظل استمرار الجدل حول غياب أي نتائج ملموسة على الأرض.
وقال رئيس السلطة إن سلطته تعمل على مراجعة شاملة للبرامج التعليمية الفلسطينية، بهدف تنقيحها وزرع قيم التسامح ونبذ ما أسماه بـ“العنف”، في إشارة إلى المقاومة.
وأضاف:“ماضون في تنفيذ برنامج ‘إصلاحي’ وطني شامل لتطوير وتحديث المنظومة القانونية والمؤسسية لدولة فلسطين، كما وتشمل مراجعة وتحديث المناهج التعليمية بما يعزز قيم التسامح ونبذ العنف والتحريض”.
عباس يدافع عن «تمكين»
وفي هذا السياق، تطرّق عباس إلى ملف الأسرى والشهداء والجرحى، قائلًا إن القرارات المتعلقة بقطع الرواتب صدرت ضمن الصلاحيات الدستورية للرئيس، ووفق ما وصفه بمقتضيات المصلحة الوطنية العليا.
وتحدث عباس عن مؤسسة “تمكين” باعتبارها مؤسسة وطنية رسمية ذات طابع تنفيذي، تعمل حصرًا على تنفيذ السياسات والقرارات الصادرة وفق أحكام القانون، ولا تمتلك أي صلاحيات تشريعية أو سياسية.
وأضاف:“إن تحميلها أو القائمين عليها مسؤوليات خارج إطار دورها القانوني يُعد خلطًا للأوراق، وإضرارًا غير مبرر بمؤسسة وطنية تؤدي واجبها في إطار منظومة الإصلاح والحماية الاجتماعية الموحدة”.
قطع رواتب الأسرى والشهداء
وفي المقابل، واجهت هذه المواقف انتقادات حادة، حيث وجهت هيئة الأسرى وشؤون المحررين رسالة قاسية إلى مؤسسة “تمكين” التي يرأسها أحمد مجدلاني، على خلفية استمرار قطع رواتب الأسرى وأهالي الشهداء.
وقالت الهيئة في بيان لها:“من أين لكم هذه الجرأة للحديث بهذه اللغة؟ ماذا قدمتم أمام ما قدمه شهداؤنا وأسرانا وجرحانا وأسرهم؟”.
وأضافت:“اليوم نقولها بصوت عالٍ: كفى لعنجهيتكم. لقد مسستم بأقدس شريحة فلسطينية، ولولا نضالاتها وتضحياتها لما كان أحد منكم في موقعه اليوم”.
رواتب الأسرى والشهداء
ومن جانبه، قال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي إن أي قرارات تتخذها الحكومة من دون المرور عبر حركة فتح “مرفوضة”، ولا تعني الحركة مسألة تنفيذها، لا سيما تلك المتعلقة بالأسرى والشهداء والجرحى، باعتبارهم فئات نضالية.
وأضاف أن هذه الفئات “تشكل جوهر القوة الفلسطينية، وهي التي بدأت المسيرة النضالية”، معتبرًا أن جوهر الأزمة لا يكمن في الجانب المالي بقدر ما يتعلق بالكرامة.
وأوضح زكي أن العمل جارٍ على استعادة الاعتبار للحركة الأسيرة، ونقل هذا الملف من جهات وصفها بأنها غير مؤهلة لإدارته، مشيرًا إلى أن قيادة فتح تحاول معالجة الملف بما ينسجم مع أخلاقيات وروح العمل الوطني، في ظل استمرار الاحتلال وجرائمه.
وتوقف زكي عند قرار السلطة تسليم ملف الأسرى والشهداء والجرحى إلى مؤسسة “تمكين”، قائلًا إن قيادة فتح فوجئت بهذا القرار، مضيفاً أن الضغوط الدولية، بما فيها تلك المتعلقة بمخصصات الأسرى، لن تدفع الحركة إلى تغيير هويتها أو مبادئها، قائلًا:“الحرة قد تجوع ولا تأكل بثدييها”.
وعلى الأرض، بدا المشهد مختلفًا عن لغة البيانات، حيث شاركت أمهات الشهداء والأسرى والجرحى في وقفة احتجاجية، مرددات:“ابني شهيد… دولتهم قامت على دم أولادنا”، رفضًا لقرار مؤسسة “تمكين” قطع رواتب أبنائهن، وصرف مبالغ لا تتجاوز 200 شيقل بعد انقطاع استمر لأكثر من ثلاثة أشهر، في مشهد عكس حجم القهر والغضب الشعبي المتصاعد.





