
أثار إعلان وزير المالية في حكومة الاحتلال، بتسلئيل سموترتش، بشأن نيته إلغاء نظام التعويضات الممنوح للمصارف الإسرائيلية التي تتعامل مع البنوك في مناطق السلطة الفلسطينية، موجة من القلق والتحذيرات من تداعيات كارثية قد تطال الاقتصاد الفلسطيني برمّته.
وتأتي هذه التهديدات في وقت تعاني فيه السلطة الفلسطينية من حصار اقتصادي وسياسي خانق، وسط تزايد الضغوط على مؤسساتها المالية والإدارية.
الضغط المالي الإسرائيلي
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي سليمان بشارات أن تهديدات سموترتش تعبّر عن توجه إسرائيلي واضح نحو تفكيك ما تبقى من بنية السلطة الفلسطينية، وتحويلها إلى كيان هشّ غير قادر على إدارة نفسه.
وأشار بشارات إلى أن هذه السياسة تأتي في سياق الرد الإسرائيلي على التحركات الدولية المتنامية، وخاصة الأوروبية، للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وتسعى إسرائيل، بحسب قوله، لإفشال أي بناء مؤسسي يمكن أن يُشكل نواة لدولة مستقلة، مما يُفرغ الاعتراف الدولي من مضمونه العملي.
ويؤكد بشارات أن تل أبيب تعمل على إعادة صياغة الواقع الفلسطيني كإدارات محلية بدون سقف سياسي موحّد.
واشنطن والضغط الدولي
ومن جهته، أوضح الباحث في الشأن الإسرائيلي، ياسر مناع، أن تهديدات سموترتش لا تعني بالضرورة اتخاذ قرار فوري، لكنها تعكس مناخًا متصاعدًا من الضغوط التدريجية. وأكد أن قرارًا بهذا الحجم لا يُتخذ دون ضوء أخضر من واشنطن.
وأشار إلى أن سموترتش، وإن ظهر كمبادر للقرار، إلا أنه يشكّل أداة ضمن منظومة ضغط أميركية أوسع تُمارس على السلطة الفلسطينية.
ولفت مناع إلى أن الحديث عن “انهيار السلطة” لا يقتصر على المؤسسات، بل يشمل أيضًا تفكيك البنية الاجتماعية والجغرافية للشعب الفلسطيني.
تأكيدات إسرائيلية وتداعيات محتملة
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم الأربعاء، بأن سموترتش قرّر رسميًا إلغاء نظام الإعفاء الذي منح لسنوات الحماية القانونية للمصارف الإسرائيلية عند تعاملها مع البنوك الفلسطينية.
ويُهدد هذا القرار بضرب النظام المصرفي الفلسطيني، الذي يعتمد على هذه العلاقة لتنفيذ المعاملات المالية، خاصة تلك المرتبطة بالاستيراد.
وبحسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، فإن هذه الخطوة جاءت كرد فعل مباشر على فرض عقوبات أوروبية وأميركية ضد سموترتش والوزير إيتمار بن غفير.
سلطة النقد الفلسطينية
وفي المقابل، نفت سلطة النقد الفلسطينية صحة الأنباء التي تحدثت عن انهيار المصارف، مشيرة إلى أن الجهاز المصرفي يتمتع بملاءة مالية عالية ويؤمّن أموال المودعين وفقًا للمعايير الدولية.
وأكدت في بيان لها أنها تتابع عن كثب تداعيات التهديدات الإسرائيلية وتحذر من مخاطر كبيرة قد تطال تدفق السلع الأساسية كالوقود، والكهرباء، والماء، والغذاء، إذا ما تم تعطيل القنوات المالية الرسمية.
وشددت سلطة النقد على استمرار عملها بالتعاون مع مؤسسات دولية للحفاظ على استقرار النظام المصرفي وضمان تواصله مع الأسواق العالمية.
وتمثل تهديدات سموترتش جزءًا من نهج إسرائيلي أوسع لتضييق الخناق المالي على السلطة الفلسطينية، وقد تكون مقدّمة لتفكيك بنيتها السياسية والاقتصادية.