إسرائيل تُبيد الأطفال الفلسطينيين: شهادات وأرقام من غزة والضفة

في السابع من أبريل/نيسان 2025، استشهد الفتى الفلسطيني الأمريكي محمد ربيع (14 عامًا) برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في بلدة ترمسعيا شمال رام الله في واحدة جرائم الاحتلال إبادة الأطفال الفلسطينيين.
في حالة قتل الطفل ربيع لم تكن هناك اشتباكات مسلحة، ولا تحذيرات، ولا تحقيق أعقب الحادث. مجرد رصاصة أُطلقت بدم بارد، أسفرت عن جثة، وصمت دولي مطبق.
وحالة الطفل ربيع ليست معزولة. منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وثّقت منظمات دولية قتل ما لا يقل عن 17,000 طفل فلسطيني في قطاع غزة بفعل الغارات الإسرائيلية.
وتفيد تقارير الأمم المتحدة بأن 100 طفل يُقتلون أو يُصابون يوميًا منذ استئناف الهجوم الإسرائيلي في مارس/آذار 2025. في 36 غارة جوية تم التحقق منها، لم يُعثر إلا على جثث نساء وأطفال تحت الأنقاض، دون أي أثر لمقاومين أو أهداف عسكرية.
والأرقام تعكس واقعًا أكثر قسوة. وفقًا لمنظمة اليونيسف، توفي ثمانية رُضع في يناير الماضي بسبب انخفاض حرارة الجسم. وتشير تقارير طبية إلى ارتفاع في حالات الإجهاض وسوء التغذية بين الأطفال، نتيجة انهيار المنظومة الصحية ومنع وصول المساعدات الإنسانية.
الإبادة البطيئة: التجويع كأداة حرب
منذ مارس/آذار 2025، فرضت دولة الاحتلال حصارًا مطبقًا على قطاع غزة، مانعة دخول الغذاء والوقود والأدوية إلى أكثر من مليوني فلسطيني.
دُمرت الأراضي الزراعية، وقُصفت قوارب الصيد، وأُغلقت المخابز، وتلوثت مصادر المياه. الأمهات يغليّن الأعشاب لإطعام أطفالهن، بينما تُباع أكياس الطحين بأسعار فلكية تتجاوز 300 دولار.
وزارة الصحة في غزة أكدت وفاة 57 شخصًا بسبب الجوع، معظمهم من الأطفال.
أما الأمم المتحدة فوثقت إصابة 10,000 طفل بسوء تغذية، بينهم 1,400 يعانون من حالات حادة تهدد حياتهم. في المشافي الميدانية، يصل الأطفال بجروح متعفنة وبأجساد هزيلة، وسط نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية.
الضفة الغربية: القتل المباشر بدم بارد
في الضفة الغربية، يأخذ العنف الإسرائيلي ضد الأطفال طابعًا مختلفًا: عمليات إعدام ميداني. توثّق تقارير هيومن رايتس ووتش حوادث قتل لأطفال لم يُشكلوا أي تهديد.
محمود السعدي (17 عامًا) استشهد برصاصة في جنين أثناء توجهه إلى المدرسة. وديع أبو رموز (17 عامًا) أُعدم ميدانيًا برصاصة في الظهر خلال احتجاج في القدس الشرقية، ثم قُيد إلى سرير المستشفى قبل أن يُدفن ليلًا تحت رقابة مشددة.
منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، اعتقلت دولة الاحتلال أكثر من 1200 طفل فلسطيني، تعرض العديد منهم للتعذيب وسوء المعاملة في مراكز التحقيق.
في هذا السياق، استشهد وليد أحمد (17 عامًا) داخل السجون الإسرائيلية مطلع هذا العام، لتبقى التهمة الوحيدة الموجهة إليه: كونه فلسطينيًا.
إبادة جماعية ممنهجة
تحذر تقارير الأمم المتحدة من أن السياسات الإسرائيلية في غزة تهدف إلى “خلق ظروف معيشية لا تتوافق مع استمرار وجود الفلسطينيين كجماعة”.
فإلى جانب القتل المباشر والحصار، تستهدف إسرائيل المؤسسات التعليمية والصحية والثقافية، بهدف طمس الذاكرة الجماعية ومنع الفلسطينيين من تخيّل مستقبلهم.
القانون الدولي واضح في تحريمه استهداف المدنيين، وخاصة الأطفال. لكن في ظل الحصانة السياسية والعسكرية التي توفرها الولايات المتحدة والدول الغربية لإسرائيل، تتحول هذه القوانين إلى نصوص معطّلة.
وتمنح الولايات المتحدة وحدها دولة الاحتلال مساعدات عسكرية سنوية تُقدّر بـ3.8 مليار دولار، تشمل القنابل والصواريخ التي تُستخدم في تدمير غزة.
أكثر من مجرد أرقام
قتل طفل فلسطيني لا يعني فقط سقوط ضحية جديدة، بل محو مستقبل كامل. كل طفل يُقتل هو محاولة لإبادة فكرة الوجود الفلسطيني نفسه. في ظل صمت دولي رسمي وشعبي، تتواصل هذه المأساة دون محاسبة.
ما يحدث في غزة والضفة الغربية ليس “صراعًا” بل سياسة إبادة. وإذا استمر التعامل الدولي مع هذه الجرائم بلغة البيانات الباهتة، فإن صرخات الأطفال الفلسطينيين ستظل تُذكّر العالم بعار صمته.