معالجات اخبارية

الإنزال الجوي للمساعدات في غزة.. قناع لمأساة أكبر

تتواصل عمليات الإنزال الجوي للمساعدات الإنسانية على قطاع غزة، في ظل أزمة إنسانية حادة يعاني منها سكان القطاع بسبب الحصار والتدمير ونقص الغذاء والدواء.

لكن هذه العمليات التي تنفذها دول عربية وغربية، منها مصر والإمارات والأردن والمغرب، والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، تواجه تحديات جدية من حيث الفعالية والآثار الأمنية.

رغم أن الهدف من الإنزال الجوي هو توفير المساعدات في ظل إغلاق المعابر البرية، إلا أن الواقع يؤكد أن الكميات التي تصل بهذه الطريقة لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات السكان الذين يعانون من مجاعة متفاقمة، بالإضافة إلى أنها تشكل خطرًا على حياة المدنيين.

وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة قالت إن عمليات إسقاط المساعدات جوًا تسببت بارتقاء شهداء وجرحى من المدنيين، بما في ذلك نساء وأطفال، بسبب سقوط صناديق المساعدات على منازل وخيام النازحين.

وأكدت الداخلية في بيان أن الخسائر في الأرواح والممتلكات التي تسببها هذه العمليات تفوق بشكل كبير أية فوائد قد تجنيها، معتبرة أن استمرار هذه العمليات “مهدد لحياة المدنيين”.

وذكرت الوزارة أن ما يسقط من مساعدات عبر المظلات لا يقارن بما يمكن إدخاله عبر المعابر البرية، مطالبة بفتح هذه المعابر فورا لتدفق كميات كبيرة من الغذاء والدواء، وضمان وصولها إلى من هم بحاجة ماسة إليها.

وتشير حالة الغلاء الفاحش وندرة السيولة النقدية تعقدان من وصول المساعدات فعلياً إلى المحتاجين.

ويغيب تنظيم واضح يمنع الاحتكار والتخزين من التجار الذين يستغلون الأزمة لتحقيق أرباح خيالية، ما يزيد من معاناة المواطنين يظل الحصار.

وفي ظل هذه الظروف، يتزايد الضغط على المجتمع الدولي لإعادة النظر في أسلوب المساعدات، والتوقف عن الاعتماد على الإنزال الجوي الذي بات يشكل تهديدًا لحياة المدنيين، والعمل على فتح المعابر البرية بشكل دائم وآمن.

وتأتي عمليات إسقاط المساعدات الإنسانية جواً إلى قطاع غزة مع تفاقم الأزمة الإنسانية الناتجة عن حصار الاحتلال للقطاع منذ أشهر، وصعوبة وصول الإغاثة عبر المعابر البرية.

وقد اضطرت عدة دول إلى تبني هذا الخيار كحل مؤقت لتخفيف معاناة السكان، رغم ما ينطوي عليه من مخاطر ميدانية.

ومن بين الدول التي شاركت في هذه العمليات: الأردن، الولايات المتحدة، الإمارات، مصر، فرنسا، بلجيكا، ألمانيا، كندا، وإسبانيا، حيث نفذت طائراتها العسكرية عشرات الإنزالات الجوية خلال الأشهر الماضية، محملة بمواد غذائية وطبية وطرود إغاثية.

وتُستخدم طائرات من طراز “سي-130” في معظم هذه العمليات، التي تستهدف مناطق شمال ووسط القطاع، في محاولة للوصول إلى السكان المحاصرين.

إلا أن منظمات دولية، بينها الأمم المتحدة، تعتبر هذه الطريقة “ملاذاً أخيراً”، نظراً لمحدودية كمياتها وارتفاع تكلفتها مقارنة بالمساعدات البرية، فضلاً عن الحوادث المتكررة التي أودت بحياة مدنيين نتيجة سقوط الطرود على مناطق مأهولة.

وتبقى الأزمة الإنسانية في غزة بحاجة إلى حلول فورية وجذرية، بعيداً عن الإجراءات التي قد تؤدي إلى تفاقم المعاناة، ويقع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية ملحة لضمان وصول المساعدات الإنسانية بطرق آمنة وفعالة تحترم كرامة وحياة المدنيين في القطاع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى