تحليلات واراء

محمود نشوان: واجهة ناطقة بالعربية للدعاية الإسرائيلية ضد المقاومة وغزة

ينشط المدعو محمود نشوان بصفته “صحفيًا” و”محللًا”، لكنه في الجوهر مجرد أداة ضمن شبكة “أفيخاي” التي يقودها المتحدث باسم جيش الاحتلال، والمتخصصة في التحريض على المقاومة الفلسطينية وتزييف الواقع لصالح الرواية الصهيونية.

وينحدر محمود نشوان من قطاع غزة ويقيم منذ سنوات في بلجيكا، وبرز اسمه خلال السنوات الأخيرة من بوابة مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يقدّم نفسه كصوت مستقل و”ناقد للفساد”.

لكنه في الواقع منخرط بوضوح في مشروع إعلامي موجه، يعكس أجندة الاحتلال الإسرائيلي ويتناغم مع خطاباته في اللحظة السياسية والأمنية، لا سيما في زمن حرب الإبادة الإسرائيلية.

نشوان، الذي ينتج محتوى مرئي ومكتوب بانتظام، لا يهاجم “إسرائيل” ولا الاحتلال، بل يصب كامل جهده على تشويه المقاومة وتقويض مصداقيتها، متخذًا من الوضع الإنساني في غزة مدخلًا لإسقاطاته السياسية المسمومة.

التحريض المنهجي على المقاومة

من خلال مقاطع الفيديو والمنشورات اليومية، يعمل نشوان على تقديم سردية تقوم على تحميل المقاومة، وتحديدًا حركة حماس، مسؤولية الدمار في القطاع، متجاهلًا دور الاحتلال الذي يشنّ عدوانًا شاملاً منذ 7 أكتوبر 2023.

في أحد فيديوهاته المتداولة على منصة “يوتيوب” بتاريخ فبراير 2024، يقول نشوان: “الناس تدفع الثمن لأن حماس تضعهم في الواجهة وتستخدمهم كدروع بشرية”.

وهي جملة تُعيد إنتاج الذريعة التي يستخدمها الاحتلال الإسرائيلي لتبرير مجازرها بحق المدنيين، وتُنزع عنها صفة “الاجتهاد الشخصي” لأنها تتطابق تمامًا مع تصريحات المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي.

وفي مقاطع أخرى، هاجم نشوان عمليات المقاومة المسلحة واصفًا إياها بـ”العبثية التي جلبت الخراب”، متهمًا الفصائل بأنها “تتاجر بالدم الفلسطيني”.

هذه العبارات ليست نقدًا سياسيًا من داخل الصف الوطني، بل جزء من حملة تشويه مقصودة تتماهى مع رؤية الاحتلال، خصوصًا حين تُطرح في توقيت يتعرّض فيه القطاع لحصار وتجويع وقصف يومي.

الانسجام التام مع الدعاية الإسرائيلية

الخطير في خطاب محمود نشوان أنه لا يكتفي بالتشكيك في المقاومة، بل يعيد تدوير مفاهيم صاغها الاحتلال ضمن حربه النفسية.

ففي منشور له بتاريخ أبريل 2025، قال: “لا يوجد شيء اسمه مقاومة، هناك عصابات مسلحة تخنقنا وتقتل أحلامنا”، وهو تصريح يُغذي الخطاب الإسرائيلي الذي يسعى لفصل المقاومة عن الحاضنة الشعبية وتشويه شرعيتها الوطنية.

كما حرص نشوان على الترويج لما وصفه بـ”المنشورات التحذيرية الإسرائيلية” التي تُلقى على سكان غزة، معتبرًا أنها “تهدف لحماية المدنيين”، في تبنٍّ مباشر للرواية الصهيونية التي تحاول التغطية على جرائم القصف والاستهداف العشوائي.

وفي تعليق له على اغتيال عدد من قادة المقاومة، وصفهم بأنهم “سبب البلاء”، متجاهلًا أنهم استُهدفوا ضمن عملية تصفية إسرائيلية واسعة ومخالفة للقانون الدولي.

هكذا يتحول نشوان من ناشط إلى ناطق غير رسمي باسم آلة القتل الإسرائيلية، مغلفًا خطابه بكلمات حقوقية فارغة.

ضرب الجبهة الداخلية وتفكيك التماسك المجتمعي

إلى جانب تحريضه السياسي، يلعب نشوان دورًا تخريبيًا في الداخل الغزي عبر تسليط الضوء على الشروخ الاجتماعية والاقتصادية بطريقة تضخيمية، توحي بانهيار تام لحياة الناس.

ففي منشور بتاريخ مايو 2025، تحدّث عن “تفكك المجتمع” و”تحول الشباب إلى أدوات بيد الفصائل”، وهي مقولات تهدف لخلق شعور باليأس والانفصال بين الناس والمقاومة.

وفي فيديو آخر، ادعى نشوان أن “العائلات لم تعد تثق بالفصائل”، مستندًا إلى مزاعم غير موثقة وشهادات مجهولة، بهدف خلق فجوة عاطفية وسياسية بين الشعب وممثليه المقاومين.

وما يقوم به محمود نشوان لا يأتي في سياق حرية التعبير أو النقد البنّاء، بل يتقاطع مع مشروع إسرائيلي أوسع يقوم على تجنيد أدوات ناطقة بالعربية لتقويض ما فشلت فيه القنابل: إرادة الصمود في غزة.

نشوان، وغيره من الشخصيات المتورطة في شبكة أفيخاي، هم جزء من خطة استخبارية متكاملة، تستخدم الإعلام كوسيلة لنزع الشرعية عن المقاومة وتفكيك الدعم الشعبي لها، في لحظة يراهن فيها الاحتلال على انهيار الجبهة الداخلية كمقدمة لأي حسم عسكري أو سياسي.

ومحمود نشوان ليس مجرد “معارض”، بل فاعل دعائي يخدم أجندة الاحتلال بأدوات ناعمة، في وقت لا مكان فيه للحياد. خطابه المُنسجم مع الاحتلال في التحريض على المقاومة وتبرير العدوان وتحميل الضحية مسؤولية الجريمة، يجعل منه عنصرًا وظيفيًا في حرب متعدّدة الجبهات، تستهدف الوعي الوطني الفلسطيني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى