أماني رباح: صوت شبكة أفيخاي في حرب التحريض على غزة

يبرز اسم أماني رباح، كإحدى الوجوه الناشطة في شبكة “أفيخاي”، وهي الشبكة الإعلامية التي أسسها الاحتلال الإسرائيلي بهدف اختراق الرأي العام العربي وتحويل النقاش حول حرب غزة لصالحه وتوجيه ضربات للجبهة الداخلية الفلسطينية.
من هي أماني رباح؟
أماني رباح هي ناشطة إعلامية تعمل مترجمة ومعلّقة سياسية على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تقدم محتوى باللغة العربية يتناول الأوضاع في غزة والضفة الغربية، إلى جانب قضايا السياسة الإسرائيلية والعربية.
ورغم تقديمها نفسها على أنها “محايدة” أو “مدافعة عن الحقيقة”، فإنها ترتبط بشكل وثيق بالمشاريع الإعلامية التابعة للجيش الإسرائيلي، وتحديداً بشبكة “أفيخاي” التي يقودها أفيخاي أدرعي، الناطق باسم جيش الاحتلال للإعلام العربي.
قبل حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، لم تكن رباح تحظى بشهرة واسعة خارج بعض الدوائر المتابعة للشأن الإسرائيلي-العربي.
غير أنّ الحرب، بكل ما أثارته من زلازل إعلامية ومواجهات إلكترونية، دفعتها إلى الواجهة، لتصبح أحد أبرز الأصوات التي تتبنّى السردية الإسرائيلية وتحاول تمريرها إلى الجمهور العربي.
أماني رباح والتحريض على المقاومة وغزة
منذ الأيام الأولى للحرب على غزة، تحوّلت حسابات أماني رباح إلى منصات متفرغة تقريباً لمهاجمة المقاومة الفلسطينية، خصوصاً كتائب القسام وسرايا القدس وبقية الفصائل.
ففي منشوراتها، حرصت على ترويج الخطاب الإسرائيلي الذي يحمّل المقاومة مسؤولية الدمار في غزة، ويصوّر الفلسطينيين كرهائن لـ“حماس”، مع تجاهل شبه تام لحقيقة أنّ الاحتلال هو من يفرض الحصار ويقصف الأبراج والمنازل ويستهدف المدنيين والبنى التحتية.
على مدى الشهور الماضية، نشرت رباح عشرات التغريدات والفيديوهات التي تتحدث عن:
“اختباء عناصر حماس بين المدنيين”
“تجنيد الأطفال والنساء في الأعمال العسكرية”
“تخزين الصواريخ في المستشفيات والمدارس”
اتهام المقاومة بسرقة المساعدات الإنسانية أو منع وصولها إلى المدنيين
هذه المزاعم هي ذاتها التي يكررها المسؤولون الإسرائيليون في مؤتمراتهم الصحفية، لكنها حين تأتي على لسان فلسطينية تتحدث العربية بطلاقة، فإن وقعها يكون مختلفاً على المتلقّي العربي، وهو ما يفسّر إصرار الاحتلال الإسرائيلي على إبراز وجوه مثل أماني رباح في معركتها الإعلامية.
فضلاً عن ذلك، هاجمت رباح المؤسسات الحقوقية الفلسطينية والدولية التي توثق الانتهاكات الإسرائيلية، واتهمتها بترويج “أكاذيب حماس”، وهو خطاب يتماشى حرفياً مع السياسة الرسمية الإسرائيلية التي تحاول نزع الشرعية عن أي سردية توثّق جرائم الحرب في القطاع.
تطابق منشورات أماني رباح مع الدعاية الإسرائيلية
ما يلفت في نشاط أماني رباح ليس فقط تحاملها على المقاومة، بل التطابق شبه التام بين ما تنشره وما تبثه وسائل الإعلام الناطقة بالعربية التابعة للجيش الإسرائيلي، أو حسابات مثل حساب أفيخاي أدرعي.
فحين يتحدث أدرعي عن “خطف المساعدات من قبل حماس”، لا يمر سوى ساعات حتى تجد منشوراً من أماني رباح يعيد الفكرة ذاتها بأسلوب “محايد” أو بلغة عاطفية تخاطب الضحايا المدنيين.
في إحدى تغريداتها في أبريل 2024، كتبت أماني: “أهالي غزة بحاجة إلى الغذاء والدواء، لكن حماس تصادر المساعدات وتحرم الناس منها. من يتحمّل مسؤولية تجويع الشعب؟”
هذا السطر يكاد يكون ترجمة حرفية لما ذكره الناطق باسم الجيش الإسرائيلي قبلها بيوم واحد. الأمر ذاته تكرر في ملفات أخرى، مثل:
اتهام المقاومة باستخدام المدنيين دروعاً بشرية
تشويه صورة أي مظاهرات فلسطينية في الضفة الغربية ضد الاحتلال
إلقاء اللوم على المقاومة في تدمير البنية التحتية للقطاع
وهي رسائل تهدف في مجملها إلى ضرب الجبهة الداخلية الفلسطينية، من خلال تصوير المقاومة كعبء على الشعب الفلسطيني، وإبراز الاحتلال كطرف “يريد الخير لغزة”.
دور أماني رباح في استراتيجية الاحتلال
وجود أماني رباح في شبكة أفيخاي ليس مجرد تفصيل هامشي. بل هو جزء من استراتيجية الاحتلال لبثّ روايته داخل المجتمع الفلسطيني والعربي، اعتماداً على وجوه ناطقة بالعربية تحمل هويات فلسطينية أو عربية، وتُستخدم كأدوات لنزع المصداقية عن المقاومة، وإحداث شرخ نفسي في الجبهة الداخلية الفلسطينية التي يراهن الاحتلال على تفككها في هذه الحرب الطويلة.
في ظل حرب الإبادة المتواصلة في غزة، يكتسب هذا النوع من الحرب الإعلامية خطورة مضاعفة. إذ لم يعد القصف وحده هو السلاح، بل الكلمات أيضاً.
وهنا، تمثل أماني رباح أحد ألسنة الاحتلال التي تحاول إحداث ثغرات داخل الصف الفلسطيني، في معركة لا تقل شراسة عن الحرب العسكرية.