“جسور نيوز” تحوّل ذكرى الانقسام إلى منصة تحريض على المقاومة

استغلت منصة “جسور نيوز” الإماراتية ذكرى الانقسام الفلسطيني الداخلي للتحريض مجددا على تعميق الشرخ الفلسطيني ومهاجمة فصائل المقاومة وتحميلها سبب دمار قطاع غزة.
وكعادتها استعانت منصة جسور نيوز بأعضاء في شبكة افيخاي، مثل وضاح أبو جامع ومحمد منذر البطة لإبراز أصوات فلسطينية مشبوهة تحرض على المقاومة وتخدم أجندة الاحتلال.
وتكرس منصة “جسور نيوز” نفسها ذراعا دعائيا مفضوحا لإسرائيل بتمويل إماراتي فتشارك في معركة الدعاية الإسرائيلية بنشاط مشبوه وتكثف بث سمومها بالتحريض على الشعب الفلسطيني ومقاومته وتوفير غطاء لجرائم الحرب الإسرائيلية المستمرة في غزة.
فالمنصة التي تدّعي الاستقلال والموضوعية، تنغمس حتى العظم وبشكل مفضوح في التحريض على فصائل المقاومة، وتعمل على تبييض جرائم الاحتلال تحت غطاء “الصحافة والإعلام الحيادي”.
وتتبع منصة جسور، من حيث التمويل والتوجه التحريري، إلى دوائر النفوذ الإماراتية، لكنها تعمل بفعالية ضمن “شبكة أفيخاي” – وهي شبكة واسعة من مؤثرين وناشطين وإعلاميين عرب وفلسطينيين، مرتبطين بأجهزة الاحتلال الأمنية والإعلامية، وتُوظَّف لترويج الرواية الإسرائيلية وتفكيك الحاضنة الشعبية للمقاومة.
فبركة إعلامية ممنهجة لاستهداف الوعي الفلسطيني
لم تكتفِ منصة جسور بنشر سرديات منحازة ضد المقاومة، بل لجأت إلى فبركة مقابلات إعلامية مدفوعة الأجر، مع أفراد من سكان غزة، لإيهام المتلقي بأن الشارع الفلسطيني يحمّل فصائل المقاومة مسؤولية الحرب، وليس الاحتلال.
وقد تم الكشف عن دفع مبالغ مالية سخية لمتحدثين فلسطينيين مقابل الإدلاء بتصريحات هجومية ضد المقاومة، في سياق معد سلفًا.
من بين أبرز هذه الحملات، سلسلة مقابلات تحت عنوان: “لعنة الطوفان.. أكتوبر الأسود غيّر حياتي للأبد”، وهو عنوان محمّل برسائل سياسية، تحوّل عملية طوفان الأقصى – التي مثلت لحظة كسر للإذلال الإسرائيلي – إلى مأساة منسوبة بالكامل لقرار المقاومة، متجاهلةً سياق العدوان والاحتلال والحصار الممتد منذ أكثر من 17 عامًا.
بل إن بعض المقاطع تُظهر أطفالًا من غزة وهم يتحدثون بلغة سياسية لا تتناسب مع أعمارهم، الأمر الذي يرجّح فرضية التلقين أو التوجيه المدروس، في محاولة لتشويه صورة المقاومة على لسان أبنائها، وهي ممارسة غير أخلاقية تتقاطع مع نهج التضليل الإسرائيلي نفسه.
مرتزقة الإعلام في خدمة الاحتلال
خلف هذه المنصة يقف طاقم مكوّن من شخصيات مثيرة للجدل، أبرزهم: أمين عابد، حمادة عبد الوهاب، عبد الله الحويحي، هشام العامر، ومصطفى كريرة، وهم من العاملين بشكل مباشر أو غير مباشر مع “شبكة أفيخاي” الإعلامية، نسبة إلى الناطق باسم جيش الاحتلال. وتعمل هذه الخلية على تجنيد أصوات فلسطينية لخدمة الرواية الإسرائيلية تحت يافطات إعلامية “مستقلة” و”موضوعية”.
وتشير شهادات متقاطعة من داخل غزة وخارجها إلى أن هؤلاء الأفراد حصلوا على مبالغ مالية كبيرة مقابل تهيئة، أو فبركة، مقابلات تهاجم المقاومة وتُبرّئ الاحتلال.
وقد حذر ناشطون من استمرار هذه الظاهرة، مطالبين بمقاطعة المنصة وملاحقة المتعاونين معها، لما يشكلونه من خطر على النسيج الوطني الفلسطيني.
تبرئة الاحتلال وتطبيع الكارثة
واحدة من أخطر الممارسات التي تنتهجها “جسور نيوز” هي تبرئة الاحتلال من جرائمه في غزة، وتحميل المقاومة مسؤولية ما يجري.
فعلى موقعها، تجد مقابلات مكثفة مع مسؤولين إسرائيليين وأميركيين يتحدثون عن رفض المقاومة لتبادل الأسرى أو مسؤوليتها عن استمرار الحرب، دون تقديم أي توازن في الطرح.
بل إن المنصة تصور الضفة الغربية وكأنها “واحة استقرار” مقارنة بدمار غزة، موحية بأن الخيار الأنسب للفلسطينيين هو الخضوع، لا المقاومة. إنها سردية تخدم بالكامل أهداف إسرائيل السياسية والأمنية، وتسعى إلى خلق فجوة داخل المجتمع الفلسطيني بين من يقاوم ومن يُراد له أن يقبل الاحتلال كقدر محتوم.
الترويج للتطبيع والتخريب الإعلامي الممنهج
إلى جانب استهدافها للمقاومة الفلسطينية، تنتهج “جسور” سياسة عدائية تجاه فصائل المقاومة في الإقليم ككل، من حزب الله في لبنان إلى فصائل المقاومة العراقية، وتُقدّم هذه الحركات كتهديد للاستقرار، وليس كقوى تحرر وطني.
ويعزز هذا النهج الدور الذي تلعبه المنصة كأداة إعلامية إماراتية لترويج التطبيع وتبييض صورة الاحتلال الإسرائيلي، وشيطنة كل من يقاومه.
ويقف على رأس المنصة هديل عويس، الصحفية السورية المقيمة في الولايات المتحدة، المعروفة بعلاقاتها مع دوائر صنع القرار الأميركي ومواقفها المنحازة ضد المقاومة العربية.
عويس، التي تدّعي الليبرالية وحقوق الإنسان، تدير حملة إعلامية موجهة، تُلبس الاحتلال ثوب الضحية وتُحمّل الفلسطينيين أوزار نكبتهم، وهي جزء من جيل جديد من الصحفيين العرب المتأمركين، الذين يسوّقون للمشروع الصهيوني بلسان عربي وسلوك عميل.
السردية المضادة: مسؤولية وطنية وإعلامية
ما تقوم به منصة “جسور” ليس مجرد انحياز مهني أو موقف سياسي، بل هو عدوان دعائي منظم يستهدف تفكيك الرواية الفلسطينية، وتشويه الوعي الجمعي للفلسطينيين والعرب على حد سواء. وهي تُقدّم “المعلومة” لا لخدمة الحقيقة، بل لإعادة إنتاج الاحتلال كـ”شريك عقلاني” والمقاومة كـ”كارثة شعبية”.
في وجه هذا المشروع، تقع مسؤولية كبرى على عاتق الإعلام الوطني الفلسطيني، والنشطاء والمثقفين العرب، لتعرية هذه المنصات وكشف تمويلها، ووضع حدّ لمخاطرها المتنامية.
فالمعركة الإعلامية ليست هامشية، بل هي جبهة مركزية في الصراع مع الاحتلال، تسعى دولة الاحتلال من خلالها إلى كسب شرعية زائفة، بينما تمارس الإبادة على الأرض.
ويؤكد المراقبون أن “جسور نيوز” ليست منصة إعلامية بالمعنى المهني أو القيمي، بل هي أداة اختراق ناعم إسرائيلية بتمويل عربي، تستغل أوجاع الفلسطينيين لتصنع سرديات مضللة، وتُستخدم لترويج فكرة أن المقاومة هي سبب الدمار، بينما المحتل يُقدّم كقوة عقلانية تبحث عن السلام.