
أكاذيب عن اختفاء أطفال
وفي الأيام الأخيرة، برزت هذه الشبكة مجددًا عبر وجوه مأجورة فرّت من غزة وتفرّغت للعمل في خدمة المشروع الصهيوني، وعلى رأسهم حمزة المصري ورمزي حرزالله، الذين يقودون حملة دعائية ممنهجة على مواقع التواصل الاجتماعي، تنشر الأكاذيب حول “اختفاء الأطفال” في غزة وتروج لروايات عن “عصابات للاتجار بالبشر”، في محاولة خسيسة لإعادة رسم صورة مشوهة لواقع يعاني أصلاً من الحصار، والمجازر، والجوع، والحرمان.
شبكة أفيخاي واختفاء أطفال غزة
وتأتي هذه الروايات في سياق مدروس، تُحركه أصابع استخباراتية من داخل وحدات الحرب النفسية الإسرائيلية، وتنسقه أجهزة تنتمي لما هو أبعد من الاحتلال نفسه، وصولاً إلى جهات استخباراتية عربية تشارك في لعبة التنسيق الأمني وتمرير السردية الصهيونية.
وهذه الحملة ليست ارتجالاً، بل عملية مدفوعة ومبرمجة وممولة، تتقاطع فيها المصالح بين جيش الاحتلال، ووحدة 8200 السيبرانية، وبعض أنظمة الردة التي وجدت في ضرب غزة فرصة لتصفية الحسابات مع كل ما هو مقاوم، أو شريف، أو حر.
والمنشورات التي تنشرها هذه الشبكة لا تعكس أي واقع، بل تُصاغ بعقل أمني بارد، يستثمر في مآسي الناس ليصنع رواية مزيفة تُظهر الضحية كجلاد، وتحوّل غزة المحاصَرة إلى ساحة رعب من صناعة أبنائها.
ولعل أخطر ما في هذا النوع من المحتوى أنه يخرج بأسماء تبدو فلسطينية، بوجوه تتحدث اللهجة المحلية، وبمعلومات ملفقة تُقدَّم على أنها شهادات من “الداخل”، بينما هي في الحقيقة جزء من خطة ممنهجة تستهدف الوعي قبل أن تستهدف أي شيء آخر.
حمزة المصري ورمزي حرزالله
حمزة المصري، الذي كان يومًا ناشطًا معروفًا، تحول إلى لسان ناطق باسم الاحتلال دون أن يرتدي الزي العسكري.
أما رمزي حرزالله، فبات أداة في أيدي المشغلين، ينشر الأكاذيب عن أوضاع الناس، ويضخّ محتوى يهدف لتأليب العالم على المقاومة، وزرع الذعر في قلوب الأمهات، والتشكيك في قدرة المجتمع الغزّي على حماية أطفاله.
والأدهى أن هذه الأكاذيب تلاقي ترويجًا من بعض وسائل إعلام مشبوهة تحرص على نقل الرواية الإسرائيلية من أفواه “فلسطينيين” في الظاهر، لكنهم في العمق مجرد واجهات لمشروع أكبر بكثير من قدراتهم الفردية.
وهذه ليست مجرد حملة، بل جولة جديدة من الحرب، تُخاض هذه المرة بالكلمة، بالصورة، وبمنشور على فيسبوك، أو فيديو على تيك توك، يحمل في طياته سمًّا ناعمًا يقتل الثقة، ويشوّه الوعي، ويفتح الباب أمام مشاريع أكبر تهدف إلى إضعاف الموقف الفلسطيني، وتكسير ظهر غزة، ليس بالقصف وحده، بل بالتشكيك والانقسام والدعاية السوداء.
وتبقى خطورة هذه الحرب الإعلامية في كونها لا تُدار من الخارج فقط، بل تعتمد أيضًا على أدوات داخلية تُوظف لخدمة أهداف الاحتلال، عن وعي أو بدون وعي. فحملات التشويه ونشر الشائعات وبث الرعب، خاصة تلك التي تتحدث عن اختفاء الأطفال أو وجود عصابات داخل غزة، ليست بريئة، بل تعمل ضمن خطة منظمة تستهدف النسيج المجتمعي والثقة الشعبية بالمقاومة والمؤسسات.