تحذيرات من التعامل مع مؤسسة “المجد أوروبا”.. ذراع استخباري إسرائيلي

حذرت أوساط حقوقية وإعلامية فلسطينية من مخاطر التعامل مع مؤسسة تُدعى “المجد أوروبا”، والتي تنشط تحت غطاء العمل الإنساني في قطاع غزة، بينما يُشتبه في أنها ذراع استخباري إسرائيلي يسعى إلى جمع معلومات حساسة عن الفلسطينيين وتسهيل مخطط تهجيرهم القسري من القطاع.
وبينما تروّج المؤسسة المذكورة عبر موقعها الإلكتروني لخدمات تبدو إنسانية في ظاهرها، مثل “تسهيل الوصول إلى الرعاية الصحية والنفسية وتوفير فرص السفر والاستقرار في دول آمنة”، فإن مضمونها المريب، وأخطائها اللغوية الفادحة، وغياب أي روابط حقيقية مع منظمات أوروبية أو دولية، يثير كثيرًا من الشكوك حول حقيقتها وأهدافها.
ويبرز أن المؤسسة تعتمد خطابًا مصممًا بعناية لاستهداف الفئات الأكثر ضعفًا من سكان قطاع غزة، مثل المرضى والجرحى والأطفال. فهي تقدم نفسها كـ”جسر للنجاة”، لكنها في الواقع تسعى إلى تطبيع فكرة أن الهجرة هي السبيل الوحيد للخلاص من المعاناة.
كما أن المؤسسة تنشط بشكل حثيث في جمع التبرعات المالية من دون حسيب أو رقيب، وذلك على حساب دماء الفلسطينيين ومأساتهم الإنسانية.
من هي مؤسسة المجد أوروبا؟
تعرف “المجد أوروبا” نفسها بأنها منظمة إنسانية تأسست عام 2010 في ألمانيا، وتزعم أن مقرها الرئيسي في القدس الشريف، وهو ادعاء يثير الريبة بالنظر إلى واقع السيطرة الإسرائيلية على المدينة.
كما تشير إلى أنها “متأصلة في قيم وتراث الإسلام” وأن أولويتها “القبلتين والثالث الحرمين الشريفين”، في محاولة لتسويق نفسها كمنظمة إسلامية أصيلة تستهدف كسب ثقة المسلمين.
لكن خلف هذه الشعارات، تقدم المؤسسة خدمات مثيرة للشبهات، حيث تعرض “نموذج تسجيل بسيط وسهل الاستخدام” يطلب من المواطنين في غزة إدخال بياناتهم الشخصية والعائلية مقابل وعود بفرص للسفر والإقامة في الخارج.
وتزعم المؤسسة أنها أجرت “مسحًا إنسانيًا ولوجستيًا” لتحديد “الوجهات الأكثر ملاءمة”، دون أن تكشف عن أسماء هذه الدول أو المنظمات الشريكة.
التهجير في ثوب إنساني
يرى محللون أن الهدف الأساسي للمؤسسة هو تسهيل تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، بما يخدم المخططات الإسرائيلية الرامية إلى تفريغ القطاع من سكانه أو تقليص أعدادهم.
إذ تروّج “المجد أوروبا” لخطاب يقوم على فكرة أن “النجاة الفردية” تكمن في مغادرة غزة، متجاهلة أن هذا الطرح يتماشى بدقة مع السياسات الإسرائيلية التي سعت على مدى عقود إلى دفع الفلسطينيين نحو الهجرة القسرية عبر الحصار والتجويع وتدمير البنى التحتية.
ويُخشى أن تستغل المؤسسة حالة اليأس الإنساني المتفاقم نتيجة الحصار الطويل والحرب المستمرة، لتجنيد بيانات حساسة عن الراغبين في الخروج، بما يشمل تفاصيلهم الشخصية، وجهات سفرهم المفضلة، وأوضاعهم الصحية والنفسية.
مؤسسة المجد أوروبا ويكيبيديا
واحدة من أبرز الإشارات المقلقة هي أن الموقع الإلكتروني لـ “المجد أوروبا” مليء بالأخطاء النحوية والإملائية، وهو ما يعكس سطحية الإعداد وغياب الاحترافية، ما يؤكد أن القائمين عليه ليسوا منظمة أوروبية محترفة كما يدّعون، بل مجرد فريق يتخفى وراء واجهة إنسانية ضعيفة الصياغة.
وبالمقارنة مع مواقع المنظمات الإنسانية الدولية المعروفة، يفتقر موقع “المجد أوروبا” إلى أي روابط توثيقية أو بيانات اتصال حقيقية، ولا يظهر فيه أي تعاون مع منظمات أممية أو أوروبية. كل ما يقدمه هو واجهة غامضة تعج بالشعارات الدينية والإنسانية المكررة دون مضمون فعلي.
وبحسب تقارير حقوقية، فإن “المجد أوروبا” ليست سوى أحد الأذرع الاستخبارية للاحتلال الإسرائيلي، تسعى عبر ما تسميه “برامج إنسانية” إلى:
جمع معلومات استخبارية عن العائلات الفلسطينية، خصوصًا تلك التي تضم جرحى ومصابين.
تحديد شبكات العلاقات الاجتماعية والعائلية داخل القطاع عبر استمارات التسجيل.
استدراج الراغبين بالهجرة إلى قنوات مراقبة وسيطرة إسرائيلية.
تفريغ القطاع من سكانه تدريجيًا من خلال تشجيع فكرة أن “الخلاص” يكمن في الرحيل.
وبذلك تتحول المؤسسة إلى أداة مزدوجة: من جهة تضفي شرعية زائفة على التهجير، ومن جهة أخرى تقدم لإسرائيل كنزًا من المعلومات الاستخبارية الحيوية.