حقيقة صورة دانا الحاج.. وجه المجاعة في غزة يفضح كذب الاحتلال

طفلة فلسطينية تتلوى من الألم، جسدها النحيل بالكاد يحملها، وعيناها تخترقان الكاميرا بنداءٍ لا صوت له. صورة صادمة انتشرت كالنار في الهشيم، قيل إنها من غزة، وجاء الرد الإسرائيلي سريعًا: “ليست حقيقية”.
لكن منصة “مسبار” المختصة بتقصي الحقائق، كشفت بالتوثيق أن الصورة حقيقية، وتعود لطفلة تدعى دانا الحاج، من سكان دير البلح وسط القطاع، تعاني من سوء تغذية حاد بسبب الحصار الإسرائيلي الكامل.
صورة دانا الحاج
وبحسب تقرير “مسبار”، أطلقت حسابات إسرائيلية حملة تشكيك بالصورة، زاعمة أنها قديمة أو التُقطت في دول أخرى.
أحد المستخدمين قال إنها “من المغرب عام 2019″، وآخر زعم أنها “طفلة عراقية تعود لعام 2017”.
لكن تحقيق “مسبار” كشف زيف هذه المزاعم، وتوصّل إلى أن الصورة التقطها المصور الفلسطيني أسامة الكحلوت مؤخرًا في دير البلح، ونشرها على حسابه في إنستغرام مرفقة بمقطع فيديو لوالدة الطفلة، التي ناشدت العالم إنقاذ ابنتها من الموت جوعًا.
وأكد الكحلوت أنه التقط الصورة بنفسه، وأن دانا تعاني من سوء تغذية حاد، نتيجة نقص الغذاء والرعاية الطبية الناتجين عن الحصار، مشيرًا إلى أن حياتها في خطر إذا لم تُنقل للعلاج خارج غزة بشكل عاجل.
أدوات غوغل لا تُبرّئ الاحتلال
وبحسب “مسبار”، اعتمدت حسابات التضليل على أداة Google Lens لمحاولة دحض أصل الصورة، لكن التحقيق أوضح أن الأداة قدّمت نتائج غير دقيقة بسبب أخطاء في فهرسة الصور، حيث أدت الروابط إلى صور أخرى غير مرتبطة.
كما تبيّن أن الصفحة المغربية التي استُشهد بها في الادعاءات، كانت قد نشرت صورة دانا حديثًا، مرفقة بعبارة: “العالم يراقب غزة”، ما يؤكد أن الصورة مرتبطة فعليًا بالحصار المفروض على القطاع.
المجاعة في غزة تخرج عن السيطرة
وتُعاني غزة من أسوأ أزمة إنسانية في تاريخها الحديث، مع استمرار الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر منذ 2 مارس/آذار الماضي، ما أدى إلى كارثة غذائية تهدد حياة آلاف الأطفال.
وفي بيان رسمي صدر يوم الجمعة 9 مايو/أيار، حذر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة من أن أكثر من 65 ألف طفل مهددون بالموت الوشيك بسبب المجاعة، مشيرًا إلى أن الاحتلال يمنع دخول 39 ألف شاحنة مساعدات إنسانية محملة بالغذاء والدواء والوقود.
الخبز مفقود منذ أكثر من 40 يومًا
ومن أبرز آثار الحصار أن جميع المخابز في غزة أُجبرت على الإغلاق لمدة 40 يومًا متتالية، ما أدى إلى فقدان الخبز، الغذاء الأساسي للمدنيين، وسط انعدام الوقود والكهرباء وتعطّل محطات المياه.
وفي ظل هذه الكارثة، انتقد مسؤولو الأمم المتحدة خطة المساعدات الجديدة التي طرحتها إسرائيل، معتبرين أنها لا تلبّي أدنى المعايير الإنسانية، وقد تؤدي إلى تفاقم المجاعة بدلًا من التخفيف منها.
“بنتي تموت من الجوع”، بهذه العبارة الموجعة تحدثت والدة دانا، وسط عجز عالمي عن إيقاف المجزرة البطيئة في غزة.
وفي السياق، قال المصور الكحلوت: “صورتُ دانا في دير البلح. الوضع مأساوي، والأهالي يختنقون من الجوع”.
وتابع: “كل يوم هناك أطفال مثلها يُسقطهم الجوع، ولا أحد يتحرك. الكاميرا لا تكذب، ولكن من يكترث؟”.