معالجات اخبارية
أخر الأخبار

منع الوفد العربي.. الاحتلال يصفع السلطة في عقر دارها

في خطوة تصعيدية لافتة، منعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي وفدًا وزاريًا عربيًا رفيع المستوى من دخول مدينة رام الله في الضفة الغربية، كان من المقرر أن يترأسه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، ويضم وزراء خارجية كل من الإمارات، قطر، مصر، الأردن وتركيا، بحسب ما كشفه موقع “واللا” العبري.

الوفد كان سيصل إلى رام الله يوم الأحد المقبل، ضمن مبادرة دبلوماسية سعودية لتعزيز الدعم السياسي للسلطة الفلسطينية، والدفع نحو اعتراف دولي واسع بدولة فلسطينية مستقلة.

وتفيد التقارير أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان صادق شخصيًا على هذه الخطوة، في محاولة لإعادة الزخم إلى الملف الفلسطيني على الساحة الدولية.

الاحتلال يصفع السلطة

وبحسب مصادر فلسطينية تحدثت للموقع العبري، كان الوفد سيصل إلى الضفة الغربية على متن مروحيتين من الأردن، وهو ما تطلب موافقة رسمية من الحكومة الإسرائيلية. لكن تل أبيب رفضت الطلب رسميًا يوم الجمعة، ومنعت الوفد من دخول الأراضي الفلسطينية.

وقال مصدر سياسي إسرائيلي إن “السلطة كانت تخطط لاجتماع تحريضي لترويج فكرة إقامة دولة فلسطينية”، مضيفًا أن “دولة كهذه ستتحول حتمًا إلى دولة إرهاب في قلب أرض إسرائيل”، على حد وصفه.

المبادرة السعودية والعقبات المتكررة

وتتكامل المبادرة التي تقودها السعودية مع جهود فرنسية لعقد مؤتمر دولي في مقر الأمم المتحدة بنيويورك منتصف يونيو المقبل، هدفه الضغط على المجتمع الدولي للاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية، وتفعيل حل الدولتين الذي ترفضه حكومة نتنياهو اليمينية.

وتسعى السعودية وباريس لإقناع دول غربية جديدة بالاعتراف الفوري بالدولة الفلسطينية خلال هذا المؤتمر، رغم العراقيل الإسرائيلية.

وأشار مراقبون إلى أن المبادرات العربية، رغم أهميتها، تصطدم دائمًا بجدار الرفض الإسرائيلي المدعوم دوليًا، وبنتائج سياسة فلسطينية رسمية اتسمت بالتراخي والعجز، ما أدى إلى تهميش الدور الفلسطيني وجعل القضية تُدار من خارج أصحابها.

السلطة الفلسطينية تحت العزل الدبلوماسي

ويرى محللون أن منع الوفد العربي من الوصول إلى رام الله يعكس حجم التدهور الدبلوماسي الذي تعيشه السلطة الفلسطينية، والتي فقدت تدريجيًا قدرة الفعل والتأثير منذ سنوات، خاصة في ظل استمرار الانقسام الداخلي، وغياب استراتيجية فلسطينية موحدة في مواجهة الاحتلال.

ورغم أن المبادرة جاءت لإنقاذ موقف السلطة المتراجع دوليًا، إلا أن إسرائيل تعاطت معها كتهديد سياسي وأمني، وأغلقت الباب أمام أي تحرك عربي داعم قد يعيد شيئًا من شرعية السلطة على الأرض.

علاقات عربية متوترة مع حكومة الاحتلال

ويأتي القرار الإسرائيلي في سياق تدهور العلاقات بين الاحتلال وعدة عواصم عربية، على رأسها الإمارات، التي استدعت مؤخرًا سفير إسرائيل في أبو ظبي لجلسة توبيخ نادرة على خلفية الحرب الإسرائيلية المستمرة في غزة، والتي تسببت في كارثة إنسانية غير مسبوقة وسقوط عشرات آلاف الشهداء.

وفي الوقت نفسه، تمضي حكومة نتنياهو في تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية، حيث أعلنت مؤخرًا عن بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة، وإقامة 22 مستوطنة إضافية، في خطوة تصفها أوساط فلسطينية بأنها استكمال عملي لخطة الضمّ الزاحف.

وما جرى من منع زيارة الوفد الوزاري العربي إلى رام الله ليس مجرد إجراء إداري من الاحتلال، بل هو رسالة صريحة بأن تل أبيب لا ترى للسلطة أي وزن فعلي، ولا تعترف بقدرتها على حشد دعم عربي أو دولي حقيقي.

وإذا كانت السلطة الفلسطينية قد راهنت طويلًا على الحلول الدبلوماسية وانتظار الاعتراف الدولي، فإن هذه الحادثة تمثل إنذارًا جديدًا بأن التحركات بدون أدوات ضغط حقيقية، وبدون وحدة وطنية، تبقى عرضة للإجهاض الإسرائيلي الفوري.

وبينما تتحرك العواصم العربية الكبرى لفتح مسارات دعم جديدة للقضية الفلسطينية، يبقى الغائب الأكبر هو الفعل الفلسطيني الداخلي الموحد. وهو ما يُحتم مراجعة شاملة لمسار السلطة، التي يبدو أنها باتت تُدار من الخارج، وتُهمّش حتى في عقر دارها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى