
نُقل المطارد الفلسطيني مصعب اشتية، المعتقل سياسيًا لدى أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، صباح الجمعة 11 يوليو 2025، إلى قسم العناية المكثفة في المستشفى الاستشاري بمدينة رام الله، إثر تدهور مفاجئ وخطير في حالته الصحية، وفق مصادر محلية.
وحتى اللحظة، ترفض الجهات الرسمية الكشف عن حالته الطبية أو إصدار أي توضيح، في ظل تصاعد المخاوف من أن يكون اشتية قد تعرض لـتعذيب منهجي أو إهمال طبي متعمد داخل سجون السلطة.
مصعب اشتية ضحية الإهمال
مصعب اشتية معتقل منذ سبتمبر 2022 دون أي سند قانوني، رغم صدور قرارات قضائية بالإفراج عنه، ورغم كونه مطاردًا للاحتلال الإسرائيلي.
وقد تم اختطافه من وسط مدينة نابلس على يد جهاز الأمن الوقائي، ثم نُقل إلى سجن جنيد، فـسجن أريحا، ثم سُجن في رام الله حيث وُجهت له تهم ملفقة مثل “حيازة السلاح”، في تكرار مفضوح لنهج الاعتقال السياسي الممنهج الذي تمارسه السلطة بحق المعارضين والمقاومين.
وأصدرت لجنة أهالي المعتقلين السياسيين في الضفة المحتلة بيانًا شديد اللهجة، اتهمت فيه السلطة بـالإهمال الطبي الممنهج بحق مصعب اشتية، معتبرة أن تدهور حالته الصحية نتيجة مباشرة لظروف الاعتقال السيئة والتنكيل المتواصل.
وأضافت اللجنة أن استمرار اعتقاله يُشكّل “فضيحة سياسية وقانونية”، خاصة في ظل استمرار سياسة التنسيق الأمني مع الاحتلال، حيث تحوّلت أجهزة الأمن الفلسطينية إلى “ذراع قمعية” تستهدف المقاومين وتُعذبهم بدل حمايتهم.
سجون السلطة
وأكد البيان أن سجون السلطة لم تعد أماكن احتجاز، بل تحولت إلى أماكن لتصفية بطيئة للمقاومين والأسرى المحررين، ضمن سياسة ممنهجة تتجاهل الحقوق الوطنية والكرامة الإنسانية.
وأشار إلى أن ما يحدث في السجون يُثبت أن الاعتقال السياسي يُمارس بـ”عنجهية مفرطة واستهتار صارخ بالقانون والقيم الوطنية”.
ولا يخفى أن حالة مصعب اشتية ليست الوحيدة التي تعكس مدى الانتهاكات داخل سجون السلطة الفلسطينية، إذ شهدت الأيام القليلة الماضية حادثة مأساوية جديدة، حين أعلنت عائلة العقيد في جهاز الأمن الوقائي، عمار محمد دار موسى، وفاة نجلها تحت التعذيب والإهمال في سجون جهاز الاستخبارات العسكرية.
وأكدت العائلة في بيان صحفي أن العقيد دار موسى قد غدر به الظالمون وفارق الحياة بعد معاناة طويلة من ظروف اعتقال قاسية، تعرض خلالها لـتنكيل جسدي ونفسي، وإهمال طبي أدى إلى تدهور حالته الصحية بشكل حاد، رغم أنه قضى أكثر من 32 عامًا في صفوف أجهزة الأمن الفلسطينية.
وهذه الحادثة المأساوية تأتي لتؤكد أن سياسة التعذيب والإهمال الطبي ليست حالات فردية، بل ممارسة متكررة ومنهجية داخل أجهزة السلطة، تُزهق فيها أرواح الفلسطينيين داخل السجون بدل حمايتهم.
دعوات للإفراج الفوري ومحاسبة المسؤولين
وحملت اللجنة أجهزة السلطة الفلسطينية المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة مصعب اشتية، مطالبة بالإفراج الفوري عنه، ووقف جميع أشكال الاعتقال السياسي، التي باتت تُمارس بحق كل من يعارض أو يقاوم.
كما دعت الفصائل الفلسطينية والقوى الوطنية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد، يرتقي إلى حجم الجريمة التي يتعرض لها اشتية وباقي المعتقلين السياسيين، مطالبة بإنهاء التنسيق الأمني مع الاحتلال واستعادة كرامة الشعب الفلسطيني.
وطالبت اللجنة أيضًا المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية، ووسائل الإعلام الحرة، بـتحمل مسؤولياتها في كشف ما يجري خلف جدران السجون الفلسطينية، وتسليط الضوء على الممارسات القمعية التي يتعرض لها المعتقلون السياسيون.
وأكدت أن ما يجري مع مصعب اشتية ليس حالة فردية، بل جزء من سلسلة طويلة من الانتهاكات الممنهجة، التي يجب أن تتوقف فورًا، ويُحاسب المسؤولون عنها دون تأخير.
ويُذكر أن مصعب اشتية كان مطاردًا من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي هددت والده بتصفيته أكثر من مرة. إلا أن المفارقة تكمن في أن من اعتقله وأخفاه قسرًا هم أبناء جلدته في أجهزة الأمن الفلسطينية، في صورة مأساوية لانقلاب المفاهيم وتحالفات القمع.