معالجات اخبارية
أخر الأخبار

“عربات جدعون”.. حرب نفسية تمهّد لتهجير غزة تحت النار والجوع

في ذروة التصعيد الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، عاد الحديث مجددًا عن ما يُعرف باسم “عملية عربات جدعون”، وسط حملة إعلامية نفسية تقودها جهات إسرائيلية وتشارك في تضخيمها بعض المنصات العربية دون تحقق.

وقد انتشرت مؤخرًا خريطة تُنسب للإعلام العبري تظهر تقسيمات جديدة للقطاع، مع ممرات تنتهي في مطار رامون، على أنها جزء من خطة تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من غزة.

ونفت منصة “تبيان” المتخصصة في التحقق من الأخبار صحة هذه الخريطة، مشيرة إلى أنها لم تُنشر في أي وسيلة إعلامية إسرائيلية معروفة.

وفي المقابل، حذّرت مبادرات رقمية مثل “خليك واعي” من أن هذه المواد المتداولة تصبّ في إطار الحرب النفسية، وتهدف إلى تهيئة الوعي العربي والفلسطيني للقبول بحلول كارثية، تحت ضغط المجازر والتجويع والتدمير الشامل، وإحساس العجز الكامل.

خطة عربات جدعون

وتُعد خطة “عربات جدعون” جزءًا من حرب نفسية إسرائيلية مكثفة تهدف إلى بث الرعب والتشويش في صفوف الفلسطينيين في قطاع غزة، ويُرافقها تداول واسع لخريطة مزعومة على وسائل التواصل الاجتماعي تُظهر سيناريوهات ترويجية تسعى لإثارة الهلع.

ورغم البعد النفسي الواضح في حملة الترويج، فإن الخطة ذاتها ليست وهمًا، بل صادق عليها المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي “الكابينت” في السادس من أيار/مايو 2025.

وتجمع “عربات جدعون” بين ضغوط عسكرية وسياسية ونفسية، وتهدف إلى خنق غزة بشكل كامل، وتحويل حياة سكانها إلى جحيم متواصل، بهدف دفعهم تدريجيًا نحو خيار التهجير الجماعي، سواء عبر البحر أو إلى سيناء.

وتشمل الخطة تدمير البنية التحتية الحيوية من شبكات كهرباء ومياه واتصالات، ومنع دخول الغذاء والدواء، مع خلق حالة من الذعر والهلع الجماعي في أوساط السكان.

ووفق هذه الاستراتيجية، يتم إعادة تقسيم القطاع إلى معازل صغيرة، تُحشر فيها أكثر من مليون فلسطيني ضمن مساحة محدودة تُعرف إعلاميًا بـ”غزة الصغرى”، تمهيدًا لترحيلهم القسري أو “الطوعي” تحت ضغط الموت البطيء والجوع والحصار.

وتنفذ الخطة على مراحل متتابعة تبدأ بالتهيئة النفسية واللوجستية، ثم قصف مكثف وتهجير قسري للسكان نحو الجنوب، مع إقامة مراكز توزيع مساعدات بإشراف شركات أمريكية، وصولاً إلى الاجتياح العسكري لتفكيك المقاومة وفرض واقع جديد على الأرض.

وتعتمد إسرائيل في هذه الخطة على مجموعة من آليات الضغط، منها السيطرة الميدانية، قطع أوصال القطاع، منع المساعدات الإنسانية، وتكثيف الحملات النفسية والإعلامية، لإجبار الفلسطينيين على ترك قطاع غزة نهائيًا، في خطوة تُعد استمرارًا لحرب ممنهجة تستهدف وجودهم وحقوقهم.

ولكن رغم فظاعة المخطط، فإن أوساطًا إسرائيلية بدأت تشكك في جدواه، حيث يرى بعض المحللين أن الخطة لن تُنهي وجود حماس، بل قد تزيد من حضورها في وعي الناس كحالة مقاومة في وجه مشروع اقتلاعهم.

كذلك فإن غياب أي رؤية إسرائيلية واقعية لليوم التالي للحرب، والتجاهل المتعمد لقضية الأسرى الإسرائيليين، يكشف أن الغرض من الخطة قد لا يكون تحقيق استقرار حقيقي، بل إدارة فوضى طويلة الأمد تضمن استمرار السيطرة دون كلفة سياسية داخلية كبيرة.

ويرى محللون أن “عربات جدعون” ليست مجرد عملية عسكرية، بل استراتيجية تهجيرية مغلفة بحرب نفسية مركبة. وكل خريطة تُنشر أو منشور يُسوَّق على أنه تسريب قد يكون جزءًا من المعركة على الوعي، تمامًا كما هو جزء من المعركة على الأرض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى