الغارديان: “فرض حسين الشيخ” عملية احتيال سياسي

في تقرير ناري نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، وصفت الباحثة دانا الكرد التغييرات الأخيرة في هياكل منظمة التحرير الفلسطينية، والتي قادت إلى تعيين حسين الشيخ نائبًا لرئيس المنظمة، بأنها “عملية احتيال سياسي غير ديمقراطي جديد” يُمارس على الشعب الفلسطيني.
التقرير، الذي حمل عنوان “الفلسطينيون يواجهون عملية احتيال غير ديمقراطية أخرى”، هاجم رئيس السلطة محمود عباس بشدة، متهمًا إياه بتقويض المؤسسات التمثيلية وتهميش الإرادة الشعبية لصالح تحالف ضيق مع إسرائيل والولايات المتحدة.
سلطة بلا شرعية
تبدأ الغارديان تقريرها بتشريح جذور الأزمة في القيادة الفلسطينية، معتبرة أن السلطة الفلسطينية، التي تأسست بعد اتفاقات أوسلو عام 1994، أصبحت اليوم جزءًا من المشكلة.
فبينما تتلقى تمويلًا مستمرًا من واشنطن وحلفائها، وتنسّق أمنيًا مع إسرائيل في الضفة الغربية، تفتقر قيادتها لأي مساءلة شعبية، وتبدو بعيدة كل البعد عن تمثيل الفلسطينيين الحقيقيين، سواء في الداخل أو الشتات.
وأشارت إلى أن عباس، الذي يبلغ قرابة التسعين عامًا، يواصل الحكم رغم تجاوزه فترات ولايته الرسمية، ويُنظر إليه على نطاق واسع كقائد فاقد للشرعية السياسية والشعبية. وتشير الصحيفة إلى أن غضب الفلسطينيين من عباس تزايد منذ اندلاع الحرب على غزة، بسبب تقاعسه عن اتخاذ خطوات جادة لمواجهة الكارثة الإنسانية أو لطرح رؤية سياسية موحدة.
وحدة وطنية؟ عباس يُفشلها عمدًا
ترى الغارديان أن عباس لم يأخذ بجدية إمكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية تجمع الضفة الغربية وغزة لمخاطبة المجتمع الدولي بجبهة فلسطينية موحدة، رغم أن هذه الرؤية تحظى بتأييد شعبي واسع.
والأسوأ من ذلك، أن السلطة الفلسطينية نفسها متهمة بالتواطؤ مع الاحتلال، من خلال قمع أصوات المعارضة في الضفة، وتسهيل السياسات الإسرائيلية، حتى أثناء مجازر الحرب.
وتشير الكرد إلى أن عباس تجاهل مطالب متكررة بعقد المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية وإحياء مؤسساتها شبه المعطلة منذ قيام السلطة، ما يؤكد السعي المتعمد لتعطيل أي آلية تمثيلية قد تعيق قراراته الانفرادية.
حسين الشيخ مطلب إسرائيلي لا خيار شعبي
تقرير الغارديان يسلط الضوء بشكل خاص على تعيين حسين الشيخ كنائب لرئيس منظمة التحرير، معتبرًا أن الخطوة جاءت ضمن مناورات سياسية هدفها تأمين خليفة لعباس دون أي تشاور شعبي أو فصائلي.
وقد تم ذلك عبر اجتماع للمجلس المركزي – الهيئة التي توسعت منذ سنوات بعضوية معينة لا منتخبة – ما يكرّس الانفراد بالقرار وتمرير تعيينات تحت غطاء مؤسساتي هش.
وتصف الصحيفة حسين الشيخ بأنه أحد أبرز رموز التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، وشخصية تحظى بإشادة من مؤسسات الاحتلال، فيما يفتقد لأي شرعية شعبية.
ففي آخر استطلاع أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، لم يحظَ الشيخ إلا بدعم 2% فقط من المستطلَعين كرئيس محتمل، ما يجعل ترشيحه تتويجًا لانفصال تام بين القيادة والشعب.
مشاركة شكلية للشتات… لإضفاء شرعية زائفة
من بين النقاط التي أثارها التقرير أيضًا، لجوء عباس مؤخرًا إلى استدعاء أسماء من الشتات الفلسطيني، لا سيما من تشيلي، للمشاركة في اجتماعات المجلس المركزي.
لكن الصحيفة تؤكد أن هذه الشخصيات لا تتمتع بتمثيل فعلي، وأنها مرتبطة بمنظمات فلسطينية محافظة حديثة التأسيس، غير منتخبة وتفتقر إلى القاعدة الشعبية، ما يجعلها أقرب إلى ديكور سياسي من أجل استرضاء الضغوط الدولية، لا تمثيلًا حقيقيًا لفلسطينيي المهجر.
تهديد داخلي لا يقل خطورة
ورغم تأكيد الغارديان على أن الاحتلال الإسرائيلي يظل التهديد الرئيسي للشعب الفلسطيني، إلا أنها تشدد على أن الخطر الداخلي – المتمثل في قيادة منقطعة عن الجماهير وتمارس السياسة بالتعيين لا بالانتخاب – أصبح لا يقل فتكًا.
وتشير إلى أن تغييب الفلسطينيين عن المشاركة السياسية وتقويض حقهم في تقرير مصيرهم هو مسار طويل ومستمر، تؤيده قوى دولية لا تزال تراهن على استقرار زائف في الضفة، بدلاً من الاعتراف بضرورة التغيير الديمقراطي الجذري.
وخلصت الصحيفة: ما يجري ليس إصلاحًا مؤسسيًا ولا استعدادًا لمرحلة ما بعد الحرب، بل إعادة تدوير لنظام سلطوي فشل في تمثيل الشعب الفلسطيني، ويمضي الآن في تثبيت بدائل مفروضة تخدم الاحتلال أكثر مما تخدم الفلسطينيين أنفسهم.