تحليلات واراء

شاهر الهباش: هارب من فضائح الفساد إلى بوق في شبكة أفيخاي من لندن

في مشهد بات مألوفًا في معارك الوعي، يطلّ شاهر الهباش المقيم في لندن، باعتباره أحد أبرز وجوه ما يُعرف بشبكة “أفيخاي” الإعلامية، وهي شبكة يقودها ناطقون إسرائيليون ومتصهينون عرب، هدفها الأساسي شنّ حرب نفسية على الفلسطينيين وضرب الجبهة الداخلية في غزة، بالتوازي مع تبرير العدوان الإسرائيلي وتشويه صورة فصائل المقاومة.

لكن خلف هذا الوجه الذي يحاول التسلح بلغة حرية الرأي والتعبير والدفاع عن الشعب، يختفي سجل أسود من الفضائح والفساد، هو نفسه ما دفع الهباش إلى الهروب من قطاع غزة ليستقر في لندن، ويتحوّل هناك إلى بوق دعائي مسخّر بالكامل في خدمة الدعاية الإسرائيلية.

من غزة إلى لندن… رحلة هروب من الفضائح

ولد شاهر الهباش في غزة، وقد غادر القطاع منذ سنوات بعد أن لاحقته قضايا فساد مالي وأخلاقي، وفق مصادر مقربة من محيطه الاجتماعي، بعضها مرتبط باستغلاله علاقاته داخل بعض المؤسسات لجمع أموال مشبوهة من مشاريع “تنموية” كانت مخصصة لمساعدة فقراء القطاع، قبل أن تُكتشف عمليات تلاعب واختلاس أموال، فاضطر للهروب خشية الملاحقة.

وفي أحاديث متطابقة مع بعض معارفه السابقين في غزة، يصفونه بأنه “شخص انتهازي، كان يبحث عن أي وسيلة للتسلق الاجتماعي أو المالي، حتى لو على حساب شعبه”.

وحين ضاقت به السبل، وجد في لندن ملاذًا آمنًا، وأداة جديدة لكسب المال والشهرة عبر حمل لواء الهجوم على فصائل المقاومة وترديد الخطاب الإسرائيلي.

أداة تحريض في ماكينة “أفيخاي”

لم يكتفِ الهباش بالعيش في لندن كلاجئ سياسي أو ناشط إعلامي مستقل.

بل تحوّل إلى رأس حربة في شبكة “أفيخاي”، التي أسسها الناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، وتضم عشرات الحسابات المزروعة بين الجمهور الفلسطيني والعربي، هدفها بث الإشاعات حول فصائل المقاومة، وإلقاء اللوم على حماس والجهاد الإسلامي في كل ما تعانيه غزة، وتبرئة إسرائيل من دماء المدنيين.

تتبع منشورات الهباش على منصاته في “فيسبوك” و”إكس” (تويتر سابقًا) يكشف بسهولة خطه الدعائي المنحاز للرواية الإسرائيلية بالكامل.

فهو يعيد إنتاج سردية الاحتلال حول “احتجاز حماس لغزة رهينة”، ويحاول باستمرار نشر الشكوك حول قادة المقاومة، سواء عبر قصص مفبركة عن حياتهم الشخصية، أو عبر اتهامهم بالتربح من معاناة الناس.

نماذج من منشوراته المشبوهة

في منشور بتاريخ 19 يونيو 2025، كتب الهباش على حسابه في فيسبوك: “منذ أكتوبر، حماس تجوّع الناس، تسيطر على المساعدات، ولا تفكر إلا في مصالحها. أما إسرائيل، فهي تحاول إدخال المساعدات، لكن حماس ترفض.”

هذا النص نسخة طبق الأصل من تصريحات أفيخاي أدرعي نفسه، التي بثها عبر منصات الجيش الإسرائيلي في اليوم نفسه.

وفي منشور آخر في 28 مايو 2025، هاجم الهباش القيادي في حماس يحيى السنوار قائلًا: “السنوار هو من يقود غزة للهاوية. رجل مهووس بالسلطة، لا يكترث لحياة الناس ولا لدمائهم.”

وهو خطاب ينسجم بالكامل مع الرواية الإسرائيلية التي تعمل على شيطنة السنوار وتحميله المسؤولية الكاملة عن الحرب والدمار، في محاولة لتبرير استمرار العدوان.

كما نشر الهباش في 3 يوليو 2025 تغريدة جاء فيها: “حتى لو توقفت الحرب، غزة لن تنهض طالما تسيطر عليها عصابات المقاومة التي اختطفت القطاع باسم الدين والمقاومة.”

هذه اللغة التي تصف المقاومة بأنها “عصابات”، هي عينها المصطلحات التي يحرص الاحتلال على استخدامها في بياناته وتصريحاته، لتصوير المقاومة الفلسطينية وكأنها عصابة إجرامية منفصلة عن الشعب.

سلاح الفتنة والإشاعة

الأخطر في دور الهباش هو استخدامه تقنية “زرع الفتنة” داخل المجتمع الغزي، عبر الإيحاء بوجود انقسامات داخلية أو صراعات على النفوذ أو أزمات أخلاقية بين قادة المقاومة.

ففي أكثر من منشور، روّج الهباش شائعات عن “صراع حاد” بين كتائب القسام وقيادة حماس السياسية، أو عن “ثراء بعض القيادات”، دون تقديم أي دليل أو مستندات، وكل ما يملكه “مصادر خاصة” أو “شهود مجهولون”.

وهو أسلوب كلاسيكي تتبعه الأجهزة الإسرائيلية في الحرب النفسية: بث إشاعات، ثم انتظار أن تتكفل وسائل الإعلام الموالية أو حسابات التواصل الاجتماعي المجهولة بإعادة تدويرها.

خدمة مجانية للاحتلال

لا يمكن تفسير نشاط شاهر الهباش إلا باعتباره جزءًا من مشروع أكبر يستهدف كسر إرادة الشعب الفلسطيني في غزة.

فهو لا ينتقد سياسات أو يقدم وجهة نظر تحليلية بديلة، بل يتماهى كليًا مع سردية الاحتلال التي تلقي باللوم على المقاومة وتحاول إظهار دولة الاحتلال كطرف حريص على مصالح الناس.

بل الأخطر أن الهباش يوفر لإسرائيل “صوتًا فلسطينيًا” يضفي مصداقية زائفة على دعايتها. وحين يهاجم قادة المقاومة أو يشكك في جدوى قتال الاحتلال، فإنه يحقق غاية استراتيجية للاحتلال: تقويض ثقة الناس بالمقاومة وشق الصف الداخلي.

وعليه فإن شاهر الهباش نموذج خطير لظاهرة النشطاء الفلسطينيين الذين يبيعون ضميرهم على مذبح الدعاية الإسرائيلية والخليجية المعادية للمقاومة.

فمن هارب من فضائح الفساد إلى محرض على شعبه، يواصل الهباش بث سمومه ضد غزة وقادتها، متذرعًا بـ”حرية الرأي” بينما يتحول إلى أداة قتل معنوي للشعب المحاصر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى