تحليلات واراء

أبو ياسر خضر.. صوت “أفيخاي” في أوروبا لتفتيت الجبهة الداخلية الفلسطينية

في خضم حرب الرواية المحتدمة حول غزة، يبرز اسم أبو ياسر خضر كأحد أخطر الأذرع الإعلامية في شبكة “أفيخاي” الإسرائيلية، التي تعمل على توظيف شخصيات فلسطينية في الخارج لترويج سرديات الاحتلال، والتحريض على المقاومة، وضرب وحدة الجبهة الداخلية الفلسطينية.

من هو أبو ياسر خضر؟

ينحدر أبو ياسر خضر من قطاع غزة، وهو في الأربعينات من عمره، غادر القطاع قبل عدة سنوات ليستقر في إحدى الدول الأوروبية.

غير أن نشاطه تحوّل تدريجيًا إلى العمل ضمن ما يُعرف بشبكة “أفيخاي”، وهي شبكة يقودها ضباط في جهاز الأمن الإسرائيلي (الشاباك) ووحدة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، لتجنيد أصوات فلسطينية تتحدث بالعربية وتخاطب الجمهور الفلسطيني بهدف التشويش على الخطاب الوطني، وإشاعة الفتن الداخلية، وإضعاف صورة المقاومة.

ورغم تقديم نفسه كناشط مستقل، تكشف مواقفه وتحركاته تنسيقًا وثيقًا مع الرواية الإسرائيلية، خصوصًا في لحظات الذروة الميدانية في غزة. وقد تزامن بروز اسمه بشكل أكبر مع العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023 وما تلاه.

خطاب تحريضي تحت غطاء “النقد”

يتبنّى أبو ياسر خضر أسلوبًا مزدوجًا في منشوراته وتحركاته الإعلامية، إذ يستخدم لغة تبدو في ظاهرها “نقدية” للأوضاع الداخلية الفلسطينية، إلا أنها تصب في النهاية في مصلحة الاحتلال عبر ضرب الثقة بالمقاومة، وإشاعة الإحباط واليأس.

من أبرز نماذج منشوراته على حساباته في وسائل التواصل:

اتهام المقاومة بالمتاجرة بدماء الشعب: إذ نشر مرات عديدة أن “قيادات المقاومة يختبئون في الأنفاق ويتركون الناس للموت في العراء”، وهي عبارة تتطابق حرفياً مع روايات المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي خلال العمليات العسكرية.

التحريض على الانقسام الاجتماعي والسياسي: ففي منشورات متكررة، يروّج خضر لفكرة أن “غزة يسيطر عليها فصيل واحد بالقوة” وأن “الشعب بات يريد التخلص من حكم المقاومة”، في محاولة لصناعة حالة رفض وهمية داخلية.

ترويج سردية الاحتلال عن المساعدات الإنسانية: إذ نشر أكثر من مرة إشادات علنية بمحاولات الجيش الإسرائيلي توزيع مساعدات، متجاهلًا حصار القطاع وتدمير إسرائيل للمرافق الحيوية، بما في ذلك مستشفيات ومخازن الغذاء.

هذا الخطاب الذي يبدو ناقدًا ليس سوى غطاء لترويج رسائل الاحتلال، وفق مختصين في الإعلام السياسي، إذ يُصاغ بعناية ليلامس هموم الناس في غزة لكنه يزرع في الوقت نفسه بذور الشك والفرقة.

التواطؤ مع عصابة ياسر أبو شباب

واحدة من أخطر محطات تورط أبو ياسر خضر، هي دعمه العلني وغير المباشر لعصابة ياسر أبو شباب؛ التي ظهرت مؤخراً في غزة بمسمى “ميليشيا محلية” وتم إدانتها بالعمل لصالح الاحتلال الإسرائيلي لضرب الاستقرار الأمني والاجتماعي في القطاع.

رغم أن غالبية القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية، إضافة إلى شرائح واسعة من الشارع الغزّي، أدانت عصابة أبو شباب واعتبرتها أداة مرتزقة بيد الشاباك الإسرائيلي، ظهر أبو ياسر خضر في منشوراته ومداخلاته الإعلامية وهو يهاجم المقاومة على خلفية محاربتها لهذه الميليشيا.

في أكثر من منشور، اعتبر خضر أن “ما تفعله المقاومة بحق ياسر أبو شباب ومجموعته هو تصفية حسابات سياسية” وأن “أبو شباب لا يُهاجم إلا لأنه يرفض الظلم”، وهو طرح يتقاطع بدقة مع محاولات الاحتلال تسويق أبو شباب على أنه “مناضل محلي ضد الفساد” بينما تثبت أنه مرتبط مباشرة بإسرائيل ويقود أعمال شغب وسرقات وعمليات اغتيال تستهدف كوادر المقاومة في القطاع.

مخاطر مضاعفة على الجبهة الداخلية

يعتبر مراقبون أن أخطر ما يقوم به أبو ياسر خضر هو مخاطبة الرأي العام الفلسطيني من الخارج، مستخدمًا لغة فلسطينية وسردية داخلية، ما يجعله – في نظر البعض – أكثر تأثيرًا من الأصوات الإسرائيلية التقليدية مثل المتحدث باسم الجيش أو الحسابات العبرية.

وجوده في أوروبا يوفّر له مظلة حماية قانونية ويُكسبه مصداقية شكلية لدى بعض الأوساط الدولية كـ”صوت من الداخل”، بينما هو في الواقع جزء من ماكينة دعائية تستهدف كسر إرادة الفلسطينيين وإحداث شرخ عميق في الجبهة الداخلية، خصوصًا في بيئة حرب طويلة الأمد مثل حرب غزة الأخيرة.

وفي المحصلة، فإن أبو ياسر خضر يُمثّل نموذجًا صارخًا لـ”سلاح الدعاية” الذي يُشهره الاحتلال الإسرائيلي في وجه الفلسطينيين، حيث تتحول بعض الأصوات الفلسطينية في الخارج إلى أدوات تُستخدم لتبرير سياسات الاحتلال وتشويه صورة المقاومة، وصولاً إلى تبرير استهداف المدنيين وتجويع غزة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى