
في مشهد يختزل حجم المأساة، ارتفعت حصيلة الشهداء في قطاع غزة نتيجة الهجمات التي طالت المدنيين خلال محاولاتهم الحصول على الغذاء من مراكز توزيع المساعدات إلى 580 شهيدًا، إضافة إلى 4216 مصابًا و39 مفقودًا، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي.
وتتزامن هذه الأرقام الصادمة مع استمرار ما يُعرف بـ”مصائد الموت”، وهي مراكز توزيع تُدار بتنسيق إسرائيلي أمريكي مباشر منذ 27 مايو 2025، وتشكل إحدى أكثر الجبهات دموية في الحرب المستمرة على غزة.
مصائد الموت في غزة
وحمّل المكتب الإعلامي الاحتلال الإسرائيلي والدول المنخرطة في عمليات الدعم العسكري واللوجستي له، مسؤولية ما يجري من مجازر ميدانية بحق المدنيين، وعلى رأسها الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا وألمانيا.
وطالب المكتب المجتمع الدولي بالتحرك العاجل للضغط باتجاه فتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية الآمنة، بعيدًا عن المنصات التي تحوّلت إلى أفخاخ دامية.
صندوق المساعدات الإنساني لغزة
وكشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن جهود أمريكية وإسرائيلية لإجهاض مبادرة أممية في مجلس الأمن تهدف إلى تعطيل صندوق المساعدات الإنساني لغزة، بعد تقارير تربط نشاطه بفضائح تهريب واستخدامه كواجهة غير إنسانية.
وجاء ذلك عقب جلسة مغلقة عقدها مجلس الأمن، أفضت إلى إصدار الأمم المتحدة تعليمات بعدم التعاون مع الصندوق، ما كشف عن انقسام دولي حاد بشأن مستقبل المساعدات في غزة.
وفي السياق، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن استمرار آليات التوزيع الحالية يفاقم الكارثة في غزة، مؤكّدًا أن الحل يكمن في خطة محايدة وناجعة تم اختبارها سابقًا، وليست في مبادرات تفتقر للحيادية والمصداقية.
إدارة المساعدات بالتنسيق مع الاحتلال
وتشير تحقيقات إلى أن العملية الجارية على الأرض لا تُدار من منظمات إغاثية مختصة، بل أوكلت إلى شركات أمريكية يديرها مسؤولون أمنيون سابقون، ما أخرج الملف من إطاره الإنساني نحو أجندات أمنية.
وتبيّن أن توزيع الغذاء يتم في مواقع مكشوفة ضمن ترتيبات أمنية تُجبر المدنيين على التجمّع تحت نيران القصف، ما حول المعونة إلى فخاخ بشرية تُستخدم للضغط وتفكيك النسيج المجتمعي.
وحذّرت وزارة الداخلية في غزة من أن آلية التوزيع تشكل غطاءً لجمع بيانات حساسة عن السكان، باستخدام تقنيات بيومترية، فيما انسحبت شركات استشارية أمريكية كانت مشاركة في المراحل الأولى من المشروع، بعد الاطلاع على تفاصيله الأمنية.
ووصف خبراء دوليون هذا النظام بأنه كارثي، ويتنافى مع مبادئ الإغاثة الإنسانية، مؤكدين أنه أسهم في تعقيد الأزمة بدلًا من حلّها.