تحليلات واراء

“الإعلامية نيوز”… بوق تحريضي بتمويل مشبوه لتأليب الشارع الغزّي ضد المقاومة

في ذروة حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، برز موقع “الإعلامية نيوز” كأحد المنصات انخراطاً في الحملة المخابراتية المنظمة ضد المقاومة الفلسطينية، عبر خطاب تحريضي مموّل ومدروس، يهدف إلى تشويه صورة فصائل المقاومة وإضعاف الالتفاف الشعبي حولها، في وقت تتعرض فيه غزة لأبشع جرائم القتل والحصار والتدمير.

الموقع، الذي يقوده يونس صالح – أردني الجنسية، مقيم في بلجيكا – يتبع مباشرة لأجندة المخابرات الأردنية، ويحصل على دعم مالي وإداري كبير من خارج غزة، عبر قنوات تمويل مشبوهة.

في الداخل، تدير الموقع ولاء جنينة، التي تفتقر – بحسب شهادات مقربين – لأدنى المهارات الصحفية والمهنية، لكنها تتلقى أوامر مباشرة من الخارج لتنفيذ مهام إعلامية ذات طابع تحريضي واضح.

تمويل ضخم بأجندة مشبوهة

يتمتع موقع “الإعلامية نيوز” بميزانية إعلانية كبيرة وغير مبررة، تُضَخّ في منصاته على مواقع التواصل الاجتماعي عبر إعلانات ممولة بكثافة، لضمان وصول المواد التحريضية إلى أكبر شريحة ممكنة من سكان القطاع.

تُستخدم هذه الإعلانات لترويج تقارير مشوهة ومقاطع مُنتقاة بعناية بهدف إثارة الرأي العام ضد المقاومة، وإبراز مشاهد وأصوات تهاجم فصائلها، بينما يتم قصّ وإخفاء أي مظاهر دعم أو التفاف شعبي حولها.

المصادر المالية التي تغذي هذه الحملة تأتي من بلجيكا، وتحديداً من شبكات دعم مرتبطة بيونس صالح، وهو ما يثير تساؤلات جدية حول طبيعة هذه الأموال، وأسباب توجيهها في هذا التوقيت الحساس إلى منصات إعلامية ذات خط واضح في خدمة الأجندات المعادية للمقاومة.

كوادر بلا خبرة… واستغلال ممنهج

تعتمد إدارة الموقع على استقطاب طلبة الصحافة والإعلام الجدد، مستغلّة حاجتهم للتدريب والخبرة، عبر إغرائهم بمبالغ زهيدة تتراوح بين 250 و500 دولار شهرياً، وهي رواتب بالكاد تكفي لسد الاحتياجات الأساسية في ظل الأوضاع الاقتصادية الخانقة في غزة.

المتدربون والمتطوعون يُكلّفون بإعداد تقارير ميدانية وجولات بين المواطنين، وفق تعليمات مباشرة تهدف إلى تأجيج الشارع ضد المقاومة، من خلال التركيز على قصص ومعاناة يتم تحميل فصائل المقاومة مسؤوليتها، في تماهٍ واضح مع الرواية الإسرائيلية، بينما يتم تجاهل الجرائم الإسرائيلية الموثقة بحق المدنيين والبنية التحتية.

شبهات أمنية وأخلاقية

إلى جانب سجلّه التحريضي، تحيط بـولاء جنينة – المديرة في غزة – شبهات أمنية وأخلاقية خطيرة، خصوصاً خلال فترة الحرب، حيث وردت معلومات عن نشاطها المشبوه داخل مستشفى شهداء الأقصى، في سياقات غير مهنية لا تتوافق مع طبيعة العمل الإعلامي أو الإنساني.

هذه التحركات تضيف طبقة أخرى من الشكوك حول حقيقة المهام التي تُنفذ باسم العمل الصحفي، لكنها تصب في خدمة أهداف الممول الخارجي.

قصّ الحقائق وتزييف الصورة

قسم المونتاج في “الإعلامية نيوز” يلعب دوراً محورياً في صناعة الصورة المشوهة؛ إذ يتم اقتطاع كل ما يظهر من مظاهر التفاف شعبي حول المقاومة من المقاطع المصورة، والإبقاء فقط على المشاهد التي يمكن تأويلها على أنها انتقاد أو غضب تجاه الفصائل.

هذا الأسلوب، الذي يعد خرقاً فاضحاً لأخلاقيات العمل الإعلامي، يكشف النية المسبقة في فبركة واقع ميداني يخدم الاحتلال.

ومن خلال رصد مضمون تقارير الموقع ومنشوراته الممولة، يتضح أنه يعمل كجزء من آلة الحرب النفسية الإسرائيلية، لكن بأدوات ووجوه محلية. فالمحتوى يركز على:

تضخيم الخلافات الداخلية، وإبراز أي انتقاد للمقاومة وكأنه موقف شعبي واسع.

تحميل المقاومة مسؤولية الكارثة الإنسانية، وتبرئة الاحتلال من دوره المباشر في القتل والتجويع والحصار.

إثارة الإحباط واليأس بين السكان، عبر الترويج لفكرة أن المقاومة سبب استمرار المعاناة.

هذا النهج يتقاطع تماماً مع أهداف العدو في كسر إرادة الصمود الشعبي، وإضعاف الحاضنة الاجتماعية للمقاومة، بما يمهّد الطريق لأي تسويات سياسية تُفرض تحت ضغط المعاناة.

لماذا الآن؟

إن توقيت تصعيد نشاط “الإعلامية نيوز” ليس صدفة؛ فخلال حرب الإبادة على غزة، يصبح الإعلام أحد أهم ساحات المعركة، إلى جانب الميدان العسكري.

ضخ الأموال لتكثيف الحملات الإعلانية في هذه الفترة الحرجة يشير بوضوح إلى توجيه من جهات خارجية ترى في الأزمة فرصة لتمرير خطابها وإحداث شرخ داخلي.

ومواجهة هذه الظاهرة لا تتطلب فقط فضح المحتوى التحريضي، بل أيضاً كشف مصادر تمويله، ومساءلة القائمين عليه عن الانتهاكات المهنية والأمنية.

إذ أن “الإعلامية نيوز” اليوم ليس مجرد موقع إخباري، بل منصة عمليات نفسية تستغل الإعلام كأداة حرب على المقاومة، بتمويل خارجي ومهام موجهة، في لحظة يحتاج فيها الفلسطينيون إلى خطاب موحد في مواجهة الإبادة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى